عن أم الدنيا وجامعة العرب المختطفة
علي الريمي
كم تمنيت وربما تمنى الكثير من العرب أن تربأ جمهورية مصر العربية بنفسها ووزنها كدولة محورية, كيف لا وأم الدنيا كانت طوال العقود الماضية بمثابة الدولة الكبرى عربيا وافريقيا والبلد الذي يمتلك مقومات التأثير على المستوى الدولي والرقم الصعب في صنع القرارات على كافة المحاور والمستويات.
لكن كل ذلك الثقل السياسي والاقتصادي الخ الذي كانت مصر تتمتع به حتى وقت قريب لكنه وللأسف الشديد ذهب أو تلاشى نتيجة للسياسات الانبطاحية التي انخرط فيها النظام الحاكم في مصر في العقود الثلاثة الأخيرة حيث تحول الدور المصري الذي كان مؤثراً في وعلى كافة الملفات والأزمات الإقليمية والدولية إلى دور هامشي بفعل سياسة الارتهان أو التبعية التي سلكها من تولى زمام السلطة والحكم (العسكري) وتحديدا منذ ما بعد اغتيال الرئيس محمد أنور السادات عام 1981م.
أقول كم كنت أتمنى ومعي كل المحبين لمصر العروبة أن تترفع أم الدنيا عن مواصلة سياسة الانبطاح وأن تنأى بنفسها وسمعتها ولو حتى من خلال رفض الاستمرار في مهزلة أو أضحوكة ما يسمى “جامعة الدول العربية” عبر الإصرار على ضرورة بقاء منصب الأمين العام لهذه الجامعة المختطفة ليظل مصريا خالصا على الرغم من الحالة السيئة التي وصل إليها هذا الكيان الذي كان في يوما ما البيت الحاضن لكل العرب من خلال العمل الدءوب على تعزيز توحدهم ولملمة صفوفهم حتى في الحد الأدنى.
لكن هذا البيت بات اليوم مع الأسف بيتا غير آمن ولم يعد ذلك الحاضن الحنون على أبناء لغة الضاد, فقد تحول ذلك الصرح الشامخ (سابقا) إلى كيان هلامي من ورق إثر السقوط المريع الذي جره إليه بعض المحسوبين على العروبة (جزافا) إلى المستنقع المخزي فقد تحولت جامعة الدول العربية مؤخراً وكر (إن صح التعبير) يوظفه عرب البترودولار في الاتجاه الذي يخدم أهدافهم الدنيئة البعيدة كل البعد عن مصلحة كل العرب أو حتى بعضهم!
ولعل الموقف السخيف الصادر مطلع مارس عن الجامعة العربية المختطفة باعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية!!
هكذا ومن دون أي حياء أو خجل علما أن غالبية الدول الأوروبية وفي الأمريكيتين وفي معظم قارات العالم لم يصدر عنها مثل هذا التصنيف أو التوصيف العجيب والوقح فأكثر المتطرفين من تلك الدول لم تعلن أن حزب الله منظمة إرهابية واكتفت بوصف جناحه العسكري (المقاوم) بالخارج عن النص فقط لا غير!
فهل يعقل أن يصل الحال بهذه الجامعة إلى مستوى مثل هذا الانحطاط؟ ولماذا يصر الأشقاء في مصر على الاستمرار في إقحام سمعة ومكانة بلادهم ليكون اسم أم الدنيا) مرتبطا بهذه المنظمة ابتعدت تماما عن تأدية الدور المناط بها في خدمة الأمة العربية والعمل على رقي شعوبها كما جاء في ميثاق إنشاء وتأسيس جامعة الدول العربية!!
آخر السطور
في الأسبوع الماضي جرى اختيار, السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري إبان فترة حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك ليخلف نظيره أو مواطنه نبيل العربي في منصب الأمين العام للجامعة العربية للسنوات الخمس المقبلة.
وكالعادة اعترضت قطر على الاختيار رافضة للاحتكار المصري لهذا المنصب الذي بات منصب شكلياً فقط !
فيما طالبت السودان بضرورة تدوير المنصب أي أن النظام السوداني لا يريد أن يظل منصباً أمين عام الجامعة محصوراً على مصر.
ترى ما الذي مازال يغري المصريين ليقاتلوا بكل استماتة على الظفر بمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية التي حادت عن دورها وأصبحت عامل تمزيق بين العرب بدلا من أن تكون مظلة ينضوي تحت لوائها جميع العرب.