نحو إدارة مدرسية متطورة

 

عصام حسين المطري

الإدارة المدرسية أداة تفعيل التربية والتعليم، كما أنها نواة لتخفيف كافة الأهداف والغايات التعليمية والتربوية فهي قطب الرحى في العملية التربوية والتعليمية وهي زاد على طريق الإبداع والتألق التربوي والتعليمي، فإذا كان الاهتمام بالتعليم والتربية واجباً مفروضاً فإن العناية والاهتمام بالإدارة المدرسية من أقدس الواجبات وأعظم الفروض، ذلك لأن الإدارة المدرسية بمثابة الحقل الذي لو تم الاهتمام به وتعهدناه بالرعاية والعناية لأثمر ثماراً يانعة في مختلف المجالات والجوانب والشؤون المتعددة والمتنوعة بما يعود بالنفع الجزيل والتقدم والازدهار والرقي على واقع حياة الأمة في شتى ميادين الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والأمنية… إلخ.
والحقيقة التي لا تخطئها ملاحظة اللبيب أنه حينما نذكر التربية والتعليم تتملى عقولنا ونذهب إلى الإدارة المدرسية على اعتبار أنها باكورة التنفيذ للفلسفة والسياسة التعليمية والتربوية للبلاد وعلى اعتبارها مصفاة ومعملاً لتكرير المواد الخام بتقديم المخرجات واعتماد صلاحيتها في سوق العمل بعد إزالة ما علق بها من شوائب وأدران إن ظلت عالقة بها فإنها ستعيق حركة المجتمع والدولة تنموياً واقتصاديا، فوظيفة المدرسة التي تديرها الإدارة المدرسية هي إخراج المواطن الصالح المصلح في العديد من المجالات الحياتية الهامة بما يتماشى ويتلائم مع العُرف التربوي ويتواقف مع روح الفلسفة التربوية السائدة وبما يجسد الولاء الديني والوطني والقومي الراشد.
وتأسيساً على ما سبق نستطيع القول إن ثمة جهوداً تبذل لإقالة الإدارة المدرسية من عثرتها وكبوتها والتي جعلت من وظيفة المدرسة في الألفية الثالثة مقصوراً على تلقين واستحضار المعلومات كنهج تقليدي للمدرسة القديمة في العصور الغابرة ليس إلا، فمع هبوب رياح التغيير والانفتاح الحادث على دول العالم المتقدم من قبل- بكسر القاف- قيادات ورجالات التربية والتعليم أدرك معظم التربويين والتربويات ما للإدارة المدرسية من أهمية بالغة في حياة الأمم والشعوب ليترسخ في الأذهان وفي واقع الحياة الضرورات المثلى والدواعي العظمى لدعم الإدارة المدرسية باعتبارها منطلقاً للتجديد والتحديث ومواكبة الدول المتقدمة بما لا يتصادم ويرتطم بعقيدتنا الإسلامية السمحاء أو شريعتنا الإسلامية الغناء إعمالاً للتمسك بروح الإسلام الذي يأمرنا فيه رسولنا الكريم عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم بقوله: “الحكمة ضالة المؤمن فأن وجدها فهو أحق الناس بها”.
وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: “خذوا الحكمة من أي وعاء صدرت”.
ولأن كانت الإدارة المدرسية بهذا القدر من الأهمية وباعتبارها جسر العبور الأمثل إلى مستقبل مشرق وضاء فإن الاهتمام بها تطويراً وتحديثاً ورعاية ويجب أن يترجم إلى واقع عملي ملموس وأن لا يبقى حبراً على ورق حبيس الأدراج وذلك من خلال تمثل اليقظة التربوية والتعليمية في صفوف المعلمين والمعلمات والتربويين والتربويات وفي أواسط الطلاب والطالبات للمطالبة والضغط على صناع القرار بالإفراج الآني عن الإدارة المدرسية من زنزانة العهود السحيقة والتي كانت ولم تزل تملي ضرورات أن يعتلي كرسي الإدارة المدرسية رجالات المخابرات أو من لهم صلة بهم من قريب أو من بعيد كي لا يبقى ذلك حجر عثرة أمام التطوير المرغوب والتحديث المأمول والرعاية الحانية للإدارة المدرسية التي تقبع تحت نير الاستبداد والتعسف لكوكبة من المعلمين والمعلمات الذين يتلقون الضربات الموجعة من مدراء ومديرات المدارس الذين يبالغون في آذائهم ويفرطون في توجيعهم ذلكم لأن أولئك السفلة من المدراء والمديرات يريدون إنتاج جيل خانع ذليل.
وعود على بدء نستطيع القول إن آليات ووسائل تطوير الإدارة المدرسية متعددة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر إخضاع الإدارة المدرسية بكافة تكويناتها المختلفة .. مدراء – وكلاء – سكرتارية – إداريين – مشرفين، إلى برامج ودورات تدريبية عملية وعلمية مكثفة كل ثلاثة أشهر لمدارس المدن ومرتين في السنة لمدارس الريف على أن تجرى في مراكز المحافظات, زد على ذلك المتابعة الدائمة والمستمرة فنياً وإدارياً ومالياً من قبل إدارة التقويم والمتابعة “الإدارة التي نوهنا إلى استحداثها في الحلقة الأولى من المقال في ديوان عام الوزارة وفي مكاتب المحافظات والمديريات والمناطق التعليمية والتربوية وتقييم كافة أعمال أعضاء الإدارة المدرسية وتحديد مواطن القوة لتدعيهما ومواطن الضعف لعلاجها وإعطاء مدراء ومديرات المدارس وكل من له علاقة بالإدارة المدرسية في الريف والحضر الإرشادات والتوجيهات اللازمة لتفعيل الأداء الإداري وصولاً إلى وضع أيدينا على إدارة مدرسية متطورة ذات فعالية أكيدة, على أنه ومن المفيد اختيار مدراء ومديرات المدارس اختياراً دقيقاً لا يركز بداية على المؤهل العالي بل نركز على المواهب والقدرات والاستعداد الداخلي والنزاهة أولاً وأخيراً، فقد يقود أي دورة المدرسين شخص من حملة دبلوم المعلمين أفضل من قيادة من يحمل دكتوراه وماجستير.
وإلى لقاء يتجدد بكم والله المستعان على ما يصفون.

قد يعجبك ايضا