صورة وتعليق..
نبض
عاصم الشميري
يحتضن ابنته التي ماتت كما لم يحتضنها من قبل، يحتضنها بطريقة يحاول الشبع منها، يحتضنها وهي شهيدة كما لم يحتضنها وهي حية، يحتضنها وهو يدرك انه الحضن الأخير، كان ينوي اصطحابها إلى الحديقة عندما تكبر قليلاً كان ينوي أن يسجلها في المدرسة ليفتخر بها كان ينوي ان يقتني لها فستاناً يليق بجمال وجهها، واسورة تزين يديها الطاهرتين لكن كل نواياه وأمانيه قتلها الصاروخ، يربت على صدرها متحسراً علها تضحك، أو تبكي، يحتضنها راغبا أن يسمعها ( تناغي )، يتمنى لو أن ضحكتها تعود، لتجعل من لون البيت ابيضا كروحها، اخضرا كهالتها المحيطة، يحتضنها، ويبكي، ودموعه تخرج من عينيه مستغربة كل هذه العجلة بالبكاء!
يمسك بها، يحاول التمسك بها كآخر ملاذ له في هذه الدنيا، يطفو على صدرها متوسلاً أن تظل، أن لا تغادر، أن لا تكون لحظات الوداع تلك إلا مجرد كابوس قد ينتهي في أي لحظة، لكن، وللأسف، انه كابوس حقيقي لا ينتهي، سيظل يعيش هذه اللحظة طويلا، وكلما يمر خيالها من أمامه، أو يسمع صوت ضحكاتها أو بكائها، سيقول : حسبي الله ونعم الوكيل، وسيلعن القاتلين كلما سمع صوت هدير طائرة وسيزيد حقده كل ما سمع صوت صاروخ .