زحمة الوجوه
أقول قولي هذا
عبدالمجيد التركي
يشعر المرءُ أحياناً بعدم الانتماءِ إلى أيِّ شيء.. يشعر أنه مجرَّد من كلِّ عاطفة تجاه أهل أو وطن.. وكأنه لا يزال يبحث عن ذاته بين كلِّ هذا الزحام والضجيج الذي لا ينتمي إليه أيضاً.
شعورٌ بالغربة ينتابك وأنت بين أصدقائك، وأنت في وطنك، وحتى وأنت بين أُسرتك.. تشعر أنك ضيفٌ طارئ وثقيلٌ أحياناً، كأن لا أحد يفهمك، أو بالأصح لا أحد يريد أن يفهمك.. كأنك أتيتَ من عالمٍ آخر!!
تراودك رغبة في أن تعيش لبعض أيام خارج التقويم، فتحسُّ بمتعة أن يمرُّ عليك اليوم ولا تدري ما هو.. ولا يعنيك أن يكون سبت أو أربعاء أو جمعة!!
تبحث عن إنسان حقيقي، فتوقن أنك في زمن البشر فقط.. فيحيط بك الخذلان كما يحيطُ الليلُ بكلِّ ما حولك.. أنت على الكوكب الخطأ، وعليك أن تدرك هذا جيداً، فابحث عن ذاتك حتى وإن أضناك البحث، كي تعرف من أنت، وما أنت..
فربما وجدتَ نفسك بعد طول ضياع لتقدر على التصالح مع نفسك ومع واقعك الذي يجبرك على تغيير وجهك كلَّ يوم، لكي تقدر على البقاء.
تضطر إلى تغيير وجهك ليتقبَّلك المجتمع الذي يدفعك هو إلى هذا الاضطرار، فتعزِّي نفسكَ بأن وجهاً واحداً لا يكفي لتعيش به، وأن الدينار الحقيقي لا بد أن يكون ذا وجهين.
لو حاولتَ أن تقف أمام المرآة، وتكاشف ذاتكَ بكلِّ مصداقية، وبعيداً عن الانحياز إلى نفسك، لرأيتَ وجهاً آخر غير الذي تعرفه، وستجد أنك لستَ أنت، فإما أن تبحث عن ذاتك أو تعيش في زحمة الوجوه، وتقنع نفسك أن هذه الحياة ليست أكثر من حفلة تنكُّرية.
Magid711761445@gmail.com