صعدة القديمة .. مدينة السلام استباحها العدوان السعودي الغاشم

الثورة/ عبدالباسط محمد النوعة

تعد مدينة صعدة التاريخية من أهم وابرز المدن التاريخية اليمنية التي تمتاز بتاريخ عريق وفن معماري فريد بطابع يمني خالص لم يختلط كما يقول المختصون والمعنيون بفنون معمارية أخرى قادمة من خارج اليمن والسبب في أن صعدة ظلت على مدى القرون الماضية في منأى عن سيطرة قوى الغزو القادمة من خارج البلد، إلا أن هذه المدينة اليمنية الأصيلة لم تحظ بما تستحقه من اهتمام ورعاية سواء من الحكومات اليمنية المتعاقبة أو حتى من المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث العالمي فهذه المدينة لم تسجل بعد ضمن قائمة التراث العالمي ، بل أن الأمر لم يصل عند هذا الحد بل تعداه إلى تدمير طال معالمها ومبانيها التاريخية عندما تم استهدافها وقصفها فيما عرف (الحرب السادسة) وما تبعها من إهمال في إعادة أعمار ما هدمته الحرب .
وهاهي هذه المدينة التاريخية وعلى مدى أكثر من عشرة أشهر تحت نيران قصف طائرات العدوان السعودي الذي أعلن بداية عدوانه محافظة صعدة بكاملها منطقة عسكرية ومنذ ذلك الوقت والقصف مستمر دون توقف لم يستثن شيئا في هذه المحافظة المكنوبة بما فيها المدينة القديمة بل تعداه للحجر والشجر للأطفال والنساء .
إحصائيات بالأضرار
وبحسب إحصائيات حصلنا عليها من لجنة حصر وتوثيق أضرار العدوان على مدينة صعدة التاريخية والتي شكلها فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بصعدة والتي كشفت حجم الدمار الهائل الذي لحق بهذه المدينة العريقة  جراء العدوان حيث بلغ إجمالي المعالم التاريخية التي تضررت في هذه المدينة جراء القصف (140) معلما منها (76) منزلا تاريخيا تدمر منها وبشكل كامل (26) منزلا بالإضافة إلى تدمير كلي طال (55) محلا تجاريا فضلا عن تضرر (9) منشآت تاريخية عامة أبرزها جامع الأمام الهادي وخزان مياه وفرن يتبع قلعة القشلة وكذا حديقتين عامة.
وبحسب الإحصائيات فإن عدد المنشآت والمنازل التاريخية في صعدة القديمة يبلغ (1400) منزلاً ومنشأة .
أبشع تدمير للمدينة
وتقول وكيلة الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية امة الرزاق جحاف : تعد صعده القديمة مدينة تاريخية بامتياز خاصة وأنها تراث معماري متميز بنكهة يمنية خالصة تراث يمني تقليدي متواتر لأكثر من 1200سنة نمطا معماريا ومواد تقليدية طبيعية مستمدة من البيئة الصعداوية الخالية من أي مواد دخيلة وخبرة البنائين التقليديين أيضا متوارثة عن آبائهم لمئات السنين ولعلها المنطقة الوحيدة التي ما تزال تحتوي على عدد لا بأس به من البنائين التقليديين هذا كله جعل من تسجيل صعدة في سجل التراث العالمي أمراً حتمياً اقتضته خصوصية المدينة وندرة موروثها المعماري الأصيل .
وأشارت إلى أن المدينة تتعرض لابشع تدمير يطال معالمها ومنازلها التاريخية بصورة تنم عن حقد دفين فالعدوان متواصل  خاصة منذ أن أعلنها العدو الصهيوامريكي السعودي هدفا عسكريا للعدوان لذلك تم التركيز على المدينة القديمة لتحظى بالنصيب الأوفر من الضربات الجوية التي دمرت فيها الكثير من منازلها التاريخية .
ولفتت إلى إن هذا الدمار الذي ألحقه العدوان في هذه المدينة  سيجعل من الصعوبة بمكان الاستمرار في إكمال معاملة تسجيل هذه المدينة في قائمة التراث العالمي خاصة وأن سورها أيضا تضرر كثيرا من الضربات الصاروخية.
وأكدت أن صعدة وبحكم أنها تقع على حدود أرضنا المحتلة لدى آل سعود وهي تأبى الركوع لهم وتستعصي عليهم ولم يستطيعوا إذلالها لهذا يتعمدون تدمير هذه المحافظة بكل تلك الوحشية سعيا للتخلص منها وقد غدت خنجرا في خاصرة آل سعود.
كل شيء مستهدف
من جهته قال مدير فرع هيئة الحفاظ على المدن التاريخية بصعده عبده جتوم: إن الإحصائيات التي تم تسجيلها لأضرار العدوان في صعدة القديمة غير نهائية فقد تظهر أضرار خلال الفترة القادمة لم تظهر خلال عملية التسجيل والحصر كما ان هناك معالم تاريخية كثيرة منتشرة في أرجاء مختلفة من محافظة صعدة لم يتمكن فرع الهيئة من حصر وتوثيق أي أضرار قد يكون أحدثها العدوان في تلك المعالم أو المواقع خاصة أن المعلومات الأولية تشير إلى استهداف الكثير منها ،لكن لم يستطع الفرع زيارة تلك المعالم والمواقع لأن العدوان لايزال مستمراً والخطورة على العاملين كبيرة .
وأشار إلى أن العدوان بصعدة يستهدف كل شيء لم يترك شيئا إلا واستهدفه في حرب إبادة واضحة يتعامى عليها المجتمع الدولي .
وفيما يتعلق با أكثر الحارات التي تعرضت للتدمير أكثر من سواها في مدينة صعدة القديمة أوضح جتوم أن الأضرار تكاد تشمل كافة حارات المدينة إلا أن حارات بعينها نالت نصيب الأسد من تلك الأضرار مثل حارة باب اليمن وهذه الحارة تدمرت الكثير من منازلها ربما تزيد عن (25) منزلا كذلك حارات ( الهادي وسمارة ودرب المام وسوق المدينة) .
تدمير ممنهج لتراث اليمن
وقال المهندس عبدالرحمن حامد مدير التخطيط في فرع الهيئة بصعدة مسؤول لجنة حصر وتوثيق أضرار العدوان على المدينة القديمة: إن هذه المدينة  المبنية من الطين والبالغ عدد منازلها (1400) منزل قديم مترابطة مع بعضها البعض وبالتالي أي استهداف داخل المدينة يؤثر على عدد كبير من المباني .
ولفت إلى تضرر أجزاء كبيرة من سور المدينة والذي تعرض لـ(7) ضربات كل ضربة الحقت أضرارا بالسور تمتد مسافتها إلى مايقارب (100) متر ، فضلا عن تدمير الفرن التابع لقلعة القشلة التاريخية .
وأوضح ( حامد) أن ما يحدث في اليمن عموما وصعدة على وجه الخصوص من قبل العدوان ما هو إلا تدمير ممنهج لكل مقدرات البلد وتراثه وحضارته العريقة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ .
وأضاف قائلا: هناك الكثير من الأسر لم تستطع النزوح من هذه المدينة واضطروا إلى البقاء في منازلهم ومنهم من دفع حياته وحياة أطفاله ونساءه بلمحة بصر تحت أنقاض منزله فهناك منازل انتهت تماما وترك العدوان مكانها حفريات صغيرة وكأنه لم يكن لهذه المنازل أي وجود .

قد يعجبك ايضا