إذا فقدت الأخوّة الساس الذي تقوم عليه، والذي يمدها بالثبات والاستقرار، والذي يعمل على تدعيمها وترسيخها كمبدأ من مبادئ التربية الاجتماعية، لأصابها الذبول وولت مدبرة مع ابطأ ريح، لذلك وضع الإسلام لها مقومات تدعمها وترسخها وتثبت أركانها.
الولاء يعني حب الله ورسوله والمؤمنين الموحدين ونصرتهم، فكل مسلم يجب عليه حب المؤمنين وموالاتهم ونصرتهم، ومن لم يفعل ذلك ووالى الكفار بالحب أو التقليد أو المحاكاة، فقد نقص إيمانه، قال تعالى: ? تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ?[المائدة:80].
فلا يمكن أن تتحقق الأخوة إلا إذا أحب المسلم أخاه المسلم محبة صادقة تصدر من القلب، قال تعالى: ? وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? [التوبة: 71]، ولأهمية الحب في قيام المجتمع المسلم، جعله الله تعالى شرطاً من شروط الإيمان، قال تعالى: ? وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ? [المائدة: 81]، كما جعله النبي صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم: “أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله” [1]، وقال أيضاً صلى الله عليه واَله وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” [2]، هكذا قرن النبي صلى الله عليه واَله وسلم المحبة بين المسلمين بمحبتهم أنفسهم، كما أنها سبب لتذوق حلاوة الإيمان وهذا من أكمل دواعي الحب، قال: “ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار” [3]، والأحاديث في الباب كثيرة.
وطالما توافر هذا المبدأ في مجتمع ما فماذا تجد منهم؟ فمثلهم سيعملون على إرضاء بعضهم البعض، وبالتالي فلن تجد هناك شقاقا أو خلافا، وإنما سيتفرغون لنصرة دينهم وأوطانهم، كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه واَله وسلم، فقد سادوا العالم في فترة لا تكاد تذكر.
إذاً فلا سبيل إلى استقرار وتنمية في العلاقات الاجتماعية إلا بنشر المحبة بين صفوف المجتمع، الكل يعمل للكل، والكل يكمل الكل، محبة صادرة من الضمير، نابعة من القلب، لأنه يرجو بها ابتغاء مرضاة الله عز وجل، لذك لن يشوبها المراء والمداهنة، بل هي صافية نقية خالصة ومن هنا كان لزاماً علينا أن نكون خير قدوة لأبنائنا، وأن نلقنهم القصص والمواقف التي تشير إلى تلك المحبة وفضلها، وأن نجنبهم المنافسات التي تثير الشحناء والبغضاء فيما بينهم.
Prev Post
قد يعجبك ايضا