لقاء وسرد / فايز محيي الدين –
بدايةْ الحكاية حين تزوجِ والدْ (ب – و) من أْمه التي تصغرهْ بحوالي عشرين عاماٍ, حيثْ ظلِ وقتاٍ طويلاٍ بدون زواج حتى وصلِ به العمرْ إلى حوالي الأربعين من عمره, لأنهْ كان عنيناٍ أي لا يصلح للزواج وليس للنساء به حاجة.
ورغم أنهْ كان ميسور الحال في عيشه ويستطيع الزواج إلا أن شهرتِهْ بالعنين التي أشاعها رفقاء صباهْ كانت قد سبقته وطارت في الآفاق وأضحى كل من في المنطقة يعرف أن فلاناٍ الذي هو والد (ب- و) لا يصلح للنساء لأنهْ حسب التسمية في المنطقة ( خرنثى ) أي لا ذكر ولا أنثى..
بعد أن أكمل دراسة الثانوية اتجهِ لإحدى دول الجوار للغربة, لا لعوزُ للمادة أو حاجة للمال وإنما للهروب من واقعه المأساوي الذي يصليه ويجلدهْ كل يوم بأسئلة كبار السن والعجائز الذين يحبون فيه طيبتِهْ وعدم مؤاذاته أحدا.. ولهذا كانوا يستعجلون زواجِهْ ويريدون أنú يروهْ مستقراٍ بأسرة كبقية الشباب الذين بسنه, وغالباٍ كان أولئك المسنون لا يصدقون ما يْقالْ عنهْ من أنهْ لا يصلحْ للنساء.
حين ضاق به الحال قررِ السفر والاغتراب,ليهرب من واقعه وينسى مأساته..وفي بلاد الغربة استطاع التخلْص من ذلك الكابوس الذي كان يلازمه طوال الوقت في بلاده,لكن مهما طالت بالإنسان الغربة فلابْدِ من عودته إلى مسقط رأسه, لأن الحنين للأوطان شيءَ فطري لا يمكن التخلْص منه بسهولة..
عاد والد (ب- و) من الغربة بعد أن استغلِ تواجده في ذلك البلد المجاور وعرض نفسِهْ على طبيب أجزاء تناسلية بيِنِ لِهْ أن بمقدوره إجراء عملية ليست بالصعبة يتم من خلالها تصحيح الاعوجاج في عضوه الذكري, حيثْ كان بائناٍ وواضحاٍ, فقط التحمِ بما يجاورهْ من لحم بسبب الطريقة البْدائية التي استْخدمِتú في ختانه وعدم تنظيف مكان الختان عقب العملية,
وحين كان يشاهدهْ أقرانْهْ أثناء السباحة في البركة أو وقت تدفق الشلالات في الصيف اعتبروهْ عنيناٍ لأنهم كانوا يشاهدون عضوِهْ الذكري لا يشبه أعضاءهم, وبنظرتهم الطفولية القاصرة أشاعوا في القرية أنهْ (خرنثى).
ولهذا نصحه بالسفر لإحدى الدول الغربية حيث أجرى عمليةٍ تكللِتú بالنجاح.
بعد عودته أسرِ بما عمله في الخارج من عملية تصحيح عضوِهْ الذكري وأنهْ يريد الزواج, فنصحِهْ بعض أقربائه من الزواج بأْم (ب- و) التي كما سلِفِ كانت تصغرهْ بعشرين عاماٍ, وكانت لا تزال في قمة وهجها الأنثوي البكر, وهو عدى الأربعين وأضحى غير قادرُ على إشباع غرائزها الملتهبة,وفي نفس الوقت كانت ترى انهْ ليس فتى أحلامها وليس ذاك الرجل الذي ظلت تبني لهْ قصوراٍ في مخيلتها, زدú على أن فتيات القرية وشبابها كانوا يْعيرونها بالزواج من فلان الـ(خرنثى).. تحت إلحاح والديها وبإغراءُ مادي كبير من وال (ب- و) تزوجته, ورغم أنهْ لم يقصر كثيراٍ بواجبه كزوج,لكن ما كان قد رسخِ في الذهن قد رسخ, فهي كانت تظنْ أنِ ما عند الرجال الآخرين أفضل مما لدى زوجها,ولهذا لم تكن مقتنعِةٍ به,وظلتú تْصرْ عليه للاغتراب رغم أنهم لم يكونوا بحاجة ماسة لعودته للغربة..
تحتِ إلحاحها الشديد وانطلاقاٍ من حْبه الجنوني لها عاد للغربة,وهي استغلت الفراغ في مغازلة أحد شْبان القرية ودخلت معه في علاقة غير مشروعة,حتى فاحت ريحتهما غير المرحب بها من كل أهل القرية فاتصلوا بزوجها وأخبروهْ فعاد مسرعاٍ لتستقبله برحابة صدر ولهفة عظيمة أنستهْ كل ما قيلِ عنها, عندها سمعِ فقط لنداء قلبه وكذبِ كل أهله وأهل القرية, وظن أنهم يحسدونه على زوجته الحسناء صغيرة السن.. عندها فقط قرر التخلص من كلامهم ونكدهم ونفذ ما اقترحت عليه وهو السكن في المدينة,وهناك بدأت صفحة جديدة في قاموس هذه العائلة التعيسة, فبمجرد وصولهم المدينة أنجبت لِهْ بنتاٍ وبعدها (ب- و) وزوجها كان يقضي معظم السنين والأشهر في الغربة,وهي استغلت ذلك الفراغ للهو والعبث كما تشاء.
في ظل هذه الأْسرة التي يعصفْ بها اللهو والتفلْت نشأِ (ب- و) الذي كان ضحية هذا الوقع المرير, حيثْ كان يشاهد أْمِهْ مراراٍ عديدة وهي في سلوكيات مشينة,ولا يستطيع أن يزجرها لأنها كانت تبادرهْ بالضرب الشديد حتى استسلمِ لواقعه ورضيِ به,خاصةٍ وهي قد بدأتú تستخدم معهْ سلاحاٍ آخر هو الإغراء المادي ومن ثم حين شبِ وبلغِ مبلغ الرجال أتاحت له الفرصة بالطول والعرض للعبث والسهر خارج المنزل, فكان ذلك منها تنازلاٍ مقابل تنازل.
في ظل هذه الأجواء نما (ب- و) وعاقرِ كل الأشياء السيئة,في مقدمتها إدمان المخدرات والسْكر والعلاقات المحرمة..عاش مراهقته – كما قالوا – بالطول والعرض, وحين صحا داخله الضمير وبدأ يعي ما هو فيه من واقعُ مْخجل,جاءِهْ من دفعِهْ أكثر للقيام بفعلته الشنيعة حين تخاصم مع أحد المدمنين الذين أوقعوهْ في الإدمان بتحريض من والدته, فعايرِهْ بأمه وأعمالها, فما كان من (ب- و) إلا أن عاد موتوراٍ مغتاظا وحاول قتل أمه,لكن الطلقة الأولى وقعت في أخته التي حاولت فض الشجار بينهما فارتمت على الأرض فوراٍ وهو عاد للأم وأطلق عليها سبع طلقاتُ متفرقة وزاد مثلها لأخته التي كان يطلق عليها الرصاص وهو يقول: أنتي مثل أمش..وإذا لم أقتلك ستحترفين نفس عملها.
أجهزِ عليهما الاثنتين ولاذِ بالفرار, ولا يزال والده ومعارفه حتى اليوم لا يعرفون له طريقاٍ أو مكانا,رغم أنهْ مرِ على الجريمة البشعة أكثر من ثلاثة عشر عاما.
الجميع ممن عرفهم وحكى لنا تفاصيل حكايتهم يؤكد أن السبب الأول يعود لعدم التكافؤ في سن الزواج,والسبب الثاني هو الاغتراب وترك الأْسرة دون رعاية مباشرة,لأن المال ليس كل شيء,بل هو في كثير من الأحيان السبب المباشر لفساد العديد من الأْسر.
Prev Post