الثورة / أسماء حيدر البزاز
الاستغفار سمة عظيمة لا يدرك فضلها إلا المؤمن لعظيم فوائدها وجزاها عند الله صدق المولى عز وجل حيث يقول : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (سورة نوح), فللاستغفار فضائل عظيمة لا تحصى ولا تعد , غفل الكثيرون عن عظمتها فهي سر القبول والسعة في الرزق والخلاص من البلاء والعزة والظفر للعبد في حله وترحاله , وأساس لصلاح المجتمع واستقامة أبنائه ,,
الاستغفار سمة إيمانية وميزة عظيمة وصفة جليلة وهي ملازمة المسلم لذكر الله بقلبه ولسانه وشتى جوارحه دليل على الزاد الإيماني وعظمة المنزلة عند الله استنادا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : عن الله عز وجل: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلاءٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلاءٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَة ) وقول النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله و سلم : مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ )
عظيمة وجليلة
وأضاف العلامة إبراهيم العلفي حديثه مستطردا فضل الذكر والاستغفار بالقول : أنه سببا في الدخول في ظل الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ الله، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقال: إِنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: جُمْدَانُ فَقَالَ: سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ المُفَرِّدُونَ قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ الله! قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتُ )
في حلِّه وترحاله
العلامة محمد عز الدين يبتدأ حديثه بقول المولى عز وجل : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ , وقوله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) وحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ )
وأضاف : إن الاستغفار من أعظم أنواع الذكر وما أعظم أن يعيش الإنسان وقته كله مع الله شاكرا ذاكرا لا يلهيه عن ذلك متاع الدنيا ولهوها وزينتها , إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر , راضيا مستبشرا متمسكا بذكر الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار مستغفرا الله من كل الذنوب والخطايا علمها أم لم يعلمها , بل هي المنجاة من كل ظلالة وبدعة فعَنْ عَبْدِالله بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ شَرَائِعَ الإسْلاَمِ قَدْ كَثرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبرْنِي بشَيْءٍ أَتَشَبَّث بهِ. قَالَ: لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ لله , وهو من خير الأعمال لقول المصطفى : أَلاَ أُنَبئُكُمْ بخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذهَب وَالوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُم قَالُوا: بَلَى. قَالَ: (ذِكْرُ الله تَعَالَى).
إحياء القلوب
إيمان النجدي – جامعة القرآن الكريم وعلومه : ما من عبد ذكر الله مستغفرا إلا تفتحت له أبواب الرزق والبركة والنجاة من البلاء وتفريج الكرب وقالت : إن فضل إحياء التجمعات والمجالس بذكر الله سببا في نزول الرحمة والسكينة
حيث لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ويستغفرونه إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَه , وذات مرة خرج رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ . قَالُوا:
وَالله! مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ قَالَ: (أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ ) .
عبادة عظيمة
واختمت حديثها بالقول : والاستغفار نوع من أعظم أنواع الذكر الذي كما بين العلماء من أنواع العبادة التي ركَّز الإسلام عليها ونبَّه إلى أهميَّتها، عبادة سهلة يسيرة، ليس فيها دفعُ مالٍ، ولا تتطلَّب مخاطرة ولا إقدامًا، ولا تَستلزم فراغًا، ولا تَستهلك جهدًا، عبادة شأنها عظيم، وأثرها كبير في رفْع الدرجات ومَحو الخطيئات، عبادة يُطيقها الصغير والكبير من الرجال والنساء، عبادة تؤدَّى في كلِّ وقتٍ ومكان، إنها قد قارَبت في فضْلها فضْلَ الجهاد في سبيل الله، فهي خير المجالس وأزكاها وأطهرها وأشرفها واعلاها قدراً عند الله وأجلها مكانة عنده مجالس الذكر, فهي حياة القلوب ونماء الإيمان وزكاء النفس وسبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة , والاستغفار يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره. وأنه يرضي الرحمن عز وجل ويزيل الهم والغم عن القلب ويجلب للقلب الفرح والسرور وأنه يقوي القلب والبدن و ينور الوجه والقلب و يجلب الرزق. ويحط الخطايا وسببا لنزول السكينة. وما أحوجنا اليوم إلى هذه العبادة العظيمة ..