(مضيق باب المندب خيار استراتيجي لنا وليس علينا )
يحيى يحيى السريحي
مثل الموقع الاستراتيجي الذي تملكه اليمن محط أطماع الأوربيين والأمريكان، فعمدت أمريكا وفرنسا مثلا إلى بناء قواعد عسكرية لهم على البحر الأحمر بذريعة حماية مصالحهم والممر المائي من القراصنة، وكأن ما يقومون به ليس قرصنة ووجهاً من وجوه الاستعمار ؟! وهناك إسرائيل التي لم تخف طمعها والسيطرة على البحر الأحمر منذ العام 1949م ونعومة أظفارها واحتلالها لفلسطين ، وحينما نشبت حرب السادس من أكتوبر 1973م قامت اليمن استجابة لطلب الشقيقة الكبرى مصر بإغلاق مضيق باب المندب في وجه المستعمر وحلفائه من الأمريكان وغيرهم من الأوربيين وهو ما شكل ضربة قاصمة في خاصرة العدو الإسرائيلي ومثل أحد أسباب النصر للشعب العربي عموما ومصر خصوصا ، لأجل ذلك تحولت النزعة اليهودية من رغبة إلى هدف استراتيجي فعملت على إبرام الخطط والمؤامرات وأنفقت الأموال الطائلة لأجل الوصول لهدفها وغايتها فقامت بتوثيق علاقاتها مع دول القرن الأفريقي وبخاصة ارتيريا التي عملت إسرائيل على احتوائها وإغوائها وإغراقها بالمال الإسرائيلي حتى سال لعاب الارتيريين ومكنوا اليهود من أرضهم فأقامت إسرائيل قاعدة لها في ميناء مصوع مستفيدة من الجزر الارتيريه الممتدة على ساحل البحر الأحمر ويضم أكثر من ثلاثمائة جزيرة حتى غدت إسرائيل اليوم تسرح وتمرح في تلك الجزر ومعظم أراضي ارتيريا كما تشاء وكأن ارتيريا جزء لا يتجزأ من أراضي المحتل اليهودي !! ومن أهم القواعد العسكرية الإسرائيلية التي تمتلكها هناك قاعدة مكهلاوي المحاددة للسودان، وقد استغلت إسرائيل تلك الاتفاقيات والعلاقة مع ارتيريا بأن ضمنت لها إقامة قواعد جوية في كلِّ من جزيرة فاطمة وحالب الواقعتين أمام مضيق باب المندب ، وهناك جزيرة دهلك الإرتيرية التي أقامت فيها إسرائيل قاعدة بحرية وتستخدم تلك القاعدة البحرية كمركز للرصد والمراقبة في البحر الأحمر على السفن النفطية والتجارية والعسكرية لليمن والسعودية والسودان ، ولأنها إسرائيل التي تضع السم في العسل ولا يفوتها تجميل وجهها القبيح عملت على إقامة مشاريع اقتصادية وقدمت مساعدات إنسانية في عدد كبير من دول أفريقيا ككينيا وإثيوبيا وتنزانيا وغيرها من الدول حتى تحكم قبضتها وسيطرتها على البحر الأحمر ، ولا استبعد أن تكون إسرائيل هي من أوعزت لشقيقتها الصغرى السعودية بشن الحرب على اليمن حتى يحدث الهرج والمرج في اليمن وحينها تنقض للسيطرة على المضيق بكل سهوله ويسر، ولكن تبخرت أحلامهم في الهواء فما أن حاولوا التقدم صوب مضيق باب المندب حتى كان لهم أبطال اليمن البواسل من الجيش واللجان الشعبية بالمرصاد فردوهم أكثر من مرة على أعقابهم خائبين وكسروا لهم أكثر من زحف ومحاولة للتسلل والتموضع في المضيق ، ولم يعد خفياً على أحد أن إسرائيل إحدى الدول المشاركة في التحالف المتخلف الذي تقوده السعودية على بلادنا وهو ما يؤكد أن الكيان السعودي والكيان الإسرائيلي ليسا سوى وجهين لعمله واحدة تجمعهم عدة قواسم مشتركة أهمها رابطة الأخوة، فكلاهما من أب انجليزي واحد زرعتهم بريطانيا في جسد الأمة العربية إبان إمبراطوريتها التي أفلت منذ زمن وكانت تحكم معظم بلاد العالم ، غير أن تلك الأورام السرطانية الخبيثة التي زرعت في رحم الأمة العربية والإسلامية ــ السعودية وإسرائيل ــ ومن يقف خلفهم عليهم أن يعوا جيدا أن مضيق باب المندب جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية للجمهورية اليمنية ولن يفرط اليمنيون في جزء من أراضيهم ومياههم الإقليمية مهما كان الثمن الذي سيدفع وحجم التضحيات التي ستقدم للحفاظ على أمن وسلامة واستقلال أراضي اليمن وكرامة وسيادة اليمنيين، بعيدا عن وهم ومرض الهيمنة والوصاية التي ما عاد لها وجود إلا في مخيلات المصابين بالأمراض العقلية والمتخلفين عن القرن الحادي والعشرين ، وإن دعا الأمر سيكون مضيق باب المندب خياراً استراتيجياً لنا وليس علينا. حفظ الله اليمن وجيشه وشعبه