فيما الخيارات معدومة.. والفشل سيد الموقف..السعودية تواجه هزيمة تاريخية في اليمن
صلاح القرشي
فيما يواصل الجيش واللجان الشعبية استهداف وتدمير الدبابات والآليات السعودية وبشكل يومي في جبهة نجران وجيزان وعسير والقصف الصاروخي للمواقع السعودية. .
السعودية تجد نفسها أمام مازق كبير في مواصلة العدوان على اليمن ، فبعد اكثر من ثمانية أشهر من بداية اعلان حربها على اليمن بما اسمته عاصفة الحزم ، لم تستطيع السعودية الانتصار النهائي في هذه الحرب وحسمها ، وإنما تواجه السعودية العديد من المشاكل الكبيرة التي وقفت عائقاً أمامها في إدارة دفة هذه الحرب لصالحها ، وبرغم أن الدول الكبرى تعاونت الى أبعد الحدود مع السعودية في اعطائها والوقت الكافي لكي تقوم بعملية الحسم لهذه الحرب ، وبرغم ما تمتلك من فارق كبير في التسلح الجوي والبري والبحري على خصومها في اليمن ، إلا أنها لم تستطع إنهاء الحرب لصالحها ، وبرغم أن الدول الكبرى اعطتها الفرصة تلو الفرصة لكنها أيضا فشلت في الانتصار على خصومها اليمنيين.
وها هي اليوم تواجه ضغطا دوليا في وقف الحرب ، والجلوس الى المفاوضات، بواسطة الامم المتحدة، إذ أن المجتمع الدولي والذي كان مساندا لها بما تمنحه هي لهم مصالح مالية واقتصادية، لم يستطع أن يقف أكثر. من ذلك ويتعامى عما يحدث في اليمن من قصف جوي يطال المدنيين واستمرار ارتكاب السعودية مجازر ضدهم دون تحقيق أي انتصار واضح، وخاصة وهو يرى نتيجة الحرب للأشهر الثمانية هي سقوط المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن بيد القاعدة والمتطرفين التكفيريين، وهذا كان مخيب للآمال بالنسبة للشعوب العالم وايضا للشعب اليمني نفسه ، وأن اقصي ما عملته السعودية من حربها على اليمن هو دعم الجماعات المتطرفة وتوسع نفوذها حتى صارت تقبض وتفرض سيطرتها على عدن، فهل هذه الشرعية التي على أساسها شنت حربها على اليمن ؟؟؟؟، اذن السعودية تواجه مأزق مع المجتمع الدولي في الاستمرار في هذه الحرب الذي نتيجتها تسليم القاعدة واخواتها مزيدا من الأراضي والتوسع والنفوذ هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى لم تستطيع السعودية التمكن من اقناع الدول المتحالفة معها من إرسال عشرات الآلاف من الجنود ليقوموا بمساعدتها في حسم الحرب في اليمن ، حيث أن القوة الجوية وبرغم قوتها الضاربة الا انها لا تستطيع الحسم على الارض لذلك لابد من وجود قوة برية كبيرة لكي تحسم الحرب نهائيا وتحقق نصرا كاملا لها في اليمن ، وهذا ما لم يكن متوفرا للسعودية ، إذ أن جيشها لم يستطيع أن يصد التقدم البري للجيش اليمني في نجران وجيزان وعسير، ولم يستطع أن يستعيد مواقعه التي خسرها هناك بالرغم من عشرات المحاولات الهجومية.
كما أن الدول المتحالفة مع السعودية والموازنات الكبيرة والتي تستطيع أن تدفع بعشرات الآلاف من جيشها البري إذا ارادت تمنعت من ارسال جنودها لليمن عندما رأت أن هذه الحرب تساعد المجموعات التكفيرية الوهابية على التمدد والسيطرة ، اذ لا يمكن لمصر أو باكستان أن ترضى بذلك ، وأن تخاطر بجيشها في جغرافية اليمن الوعرة والخطرة من أجل تمدد الاخوان المسلمين ومجموعات القاعدة واخواتها، واكتفت مجموعه من الدول بإرسال بضعه جنود مثل السودان والامارات وغيرها الذي لا يمكن معهم الحسم في هذه الحرب ، لذلك شعرت السعودية أن النصر على خصومها في اليمن كاملا بعيد المنال فحاولت ومن خلال دعم ما يسمى المقاومة، والجيش الوطني الذي كونته على أراضيها من خليط من المرتزقة وبعض الجنود والضباط السابقين التابعين لعلي محسن وحزب الاصلاح، أن تحقق بهم إنجازات على الأرض يدعم ورقه تفاوضها هي وما يسمى بالحكومة الشرعية في أي مفاوضات تعقدها الأمم المتحدة ، فحاولت السيطرة بالكامل على محافظة تعز ومارب وإنهاء هذه الجبهات لصالحها ، وايضا لم تستطع رغم الكثير من المحاولات والقصف الجوي المستمر وذلك استباقا لأي مفاوضات إلا أن كل ذلك باء بالفشل وبالرغم من زيادة ارسال الأسلحة لهم والمقاتلين ، إلا أن ذلك لم يغير في ميزان المعارك في هذه الجبهات اي شيء يذكر بل أن الجيش اليمني واللجان الشعبية المساندة له اصبحت هي المبادرة وتحرز تقدما في هذه الجبهات.
ومن خلال ما سبق نجد أن السعودية قد استنفدت كل خياراتها في الداخل اليمني والخارج لكي تستطيع إنهاء الحرب لمصلحتها فلا هي استطاعت إقناع القبائل المحيطة بصنعاء وعمران وغيرها بالتعاون معها في اسقاط صنعاء ولم ينفع معهم كل الأموال التي عرضتها عليهم ، وبذلك ضاع هذا الخيار منها تماما ، فأصبحت عمليا غير قادرة على اسقاط صنعاء أو صعدة نهائيا ، بل أصبح من المستحيل حصول ذلك.
ولا هي استطاعت توحيد جبهة حلفائها من الدول الإقليمية أو الدولية في عمل شيء يؤدي للانهاء الحرب لصالحها في اليمن ، فحلفها يعاني تصدعاً كبيرا ، بين دولة ومشاكل وخلافات كبيرة وخطيرة ، وما ابرام دولة قطر اتفاقية أمنية مع ايران إلا أحد تجليات هذه الخلافات التي تعصف بعلاقة السعودية مع قطر ، وهذا الاتفاق يتيح لإيران ارسال جنودها الى قطر اذا استدعت الظروف الأمنية بقطر ذلك .
وهذا الاتفاق مع ايران يذكرنا بنفس الاتفاق الذي ابرمته قطر مع ايران قبل سنين طويلة اعتقد في بداية التسعينيات الذي يتيح للجيش الايراني التدخل لمساعدة قطر اذا تجاوز جيش اجنبي لحدودها ، وقد عقد هذا الاتفاق بين الدولتين اثناء اشتباك الجيش القطري والجيش السعودي مع بعضهما آنذاك على خلفيه خلاف حدودي، وهذا يقودنا الآن الى حجم الخلافات الخفية بين السعودية وقطر وحتى الجبهة الداخلية للسعودية لا تساعدها في الاستمرار في الحرب، فهناك مشاكل الاقلية الشيعية في شرق المملكة واستهداف المساجد هناك وأيضا استهداف مساجد الاقلية الاسماعيلية في نجران بالتفجيرات الانتحارية هذا يضعف كثير من تماسك الجبهة الداخلية للسعودية لذلك السعودية وصلت الى طريق مسدود وفشل ذريع. وتلوح الهزيمة التاريخية بها في الافق.
إذ أن الخيارات كلها تقلصت لديها وانعدمت ، وحتى خيار استغلال التعويضات وإعادة الاعمار والتشرط في تمويل ذلك بوجود حكومة موالية في صنعاء لها وإلا لن تدفع شيئا ، رفضته القيادة اليمنية ، جملة وتفصيلا ، وبما لدى القيادة اليمنية من خيارات كثيرة لكي تجبر دول الخليج والسعودية في التعويضات وإعادة الاعمار أهمها ورقة جبهة الحدود مع السعودية التي يشكل استمرارها ضغطا معنويا ونفسيا على الجيش والشعب السعودي والأسرة المالكة ايضا لذلك خيار استخدام اموال الاعمار تلاشي أيضا من يد السعودية لذلك السعودية تعاني من مأزق كبير وهي في مفترق طرق والوقت ليس في صالحها ويضغط عليها.
وحتى التأييد الشعبي من الداخل اليمني تناقص وتراجع الى مستوى كبير، حيث أن هؤلاء لم يحسوا بأي تغير حدث الى الأفضل، فالدمار الكبير في المدن والبنى التحتية ليس لصالحهم والقتل والتهجير والحصار طال الجميع. واصبحوا متضررين من القصف السعودي المستمر، وخاصة وهم يرون أمام أعينهم انتشار مجموعات القاعدة واخواتها وتكون مليشيات غير مسيطر عليها وان الدولة المدنية والرخاء والديمقراطية وغير ذلك مما وعد به الاعلام السعودي أصبح كالسراب وقد خيب امالهم. وهو ما اسفرت عنه مدنهم وقراهم طوال مدة هذه الحرب.
كما أن السعودية لا تستطيع أن تتصور علاقة مع اليمن ومع حكومة في صنعاء لن تكون مهيمنة عليها ، وتحظى باستقلالية في قرارها وسيادتها في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية في حال وقفت الحرب ولم تستطع حسمها لصالحها، وتعتبر ذلك بداية زوال حكم أسرتها وزوال نظامها في نجد والحجاز.
وحتى خيار اللعب عن بعد في اذكاء نار الفتنة بين اليمنيين ، والعمل على استمرار الحرب بين المليشيات التي أنشأتها وكذلك القاعدة وبين خصومها ، هذا الخيار لن يجدي لأنها تعرف تماما كما تعرف ايضا الدول الكبرى أن أي وقف للحرب على اليمن والقصف الجوي ، فان الجيش واللجان الشعبية المدعومة أيضا شعبيا قادر على هزيمة كل مليشيات القاعدة وغيرها واستعادة كل المحافظات منهم وطردهم.
لذلك ومع إضافة عبء النزيف الاقتصادي الكبير التي تتكبده المملكة السعودية ومع انعدام كل الخيارات لدى المملكة السعودية فأنها تواجه هزيمة تاريخية محتومة في اليمن.