ن …..والقلم .. درهم مات ..
عبد الرحمن بجاش
إنا لله إنا إليه راجعون , هكذا رددت حزينا , والدكتور علي حمود مغلس ينقل إلي وفاة صديقي درهم , ودرهم صاحب دكان البهارات , الكائن بجانب مخبازة الشيباني ومكتبة عبدالله , وبقالة الحمادي الاكثر شهرة هي ودكان درهم في حده السكنية , فلا يكاد أي بيت في المنطقه لا يذكرهما كل لحظة , ليس لأن درهم صاحب البهارات فقط , بل لأنه كان صديق البيوت , بدماثته , وحسن معاملته مع زبائنه , ولأنه رجل عصامي , تقرأ سيرته من شكله . الرجل احد هؤلاء الذين يفترض أن تسجل سيرهم الذاتية , احد المعجونين رحمه الله بالعمل , والجهد , والعرق سبيلا للوصول إلى لقمة العيش الشريفة . لو دققت في خارطة البلاد وذهبت بنظرك عبر جوجل إلى ما بين قدس والاحكوم في الحجرية , سترى نقطة صغيرة جدا لا تكاد ترى , ذات 132 عاما هي عمر بريطانيا في عدن , كانت تلك النقطة (( المصلى )) حيث رأى د.سعيد الشيباني نجمته , كانت ملء السمع والبصر , فمن قريتنا ومن على دارنا أو أي دار كنت إذا صعدت ليلا سترى قطارين متوازيين من الأضواء يسيران متعاكسين ليلا لم ينقطعا أبدا سوى لحظة إعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية , وإغلاق الحدود بين (( الشطرين )) , فقط في تلك اللحظة توقف الطابور الصاعد الهابط أيضا طوال النهارات , كانت الحجرية كلها تنزل من نقيلي (( الجواجب )) و (( بسيط )) إلى المصلى حيث آخر نقطة لوصول السيارات ((اللند روفل)) , وبوابير (( عنترناش , دوش , ودبل اجزاز )) , كان الملتقى عند دكان (( اب نعمان راجح )) أشهر تجار تلك اللحظة . كان درهم احد أولئك الأفذاذ الصاعدين الهابطين , يهبط بالسمن والحليب والحقين والكرث والبصل , ويصعد بالحلٍي والحلاوة وخيرات عدن , وثمة راكب يستأجر حماره بنص ريال !! . أمثال درهم كثيرين نحتوا الصخر بحثا عن الرزق , وحين أغلقت الطريق , مثل كثيرين كلا اتجه في طريق يبحث عن اللقمة الشريفة من جديد . تحول درهم إلى حكاية المدينة السكنية (( حده )) هو درهم لم يتغير , ظل على بساطته , ولقمة مغمسة بالتعب . مؤخرا كنت أحرص على أن أمر عليه , كيف الحال ؟ – يسبرها ربك , كيف الحال ؟ خليها على الله , – كيف الحال ؟ والله ما عد ندخل في اليوم سوى ألف ريال , كيف الحال ؟ لم أجد جوابا , سوى جواب علي حمود عبر التليفون بعد الانقطاع بسبب البترول : درهم مات , رحم الله درهم أبو البهارات .