
كتب / محمد راجح –
«أريد أن أتعلم وأعيش بكرامة « .. لهذه الأسباب تقدم صلاح الشرماني الصفوف منذ بداية الثورة الشبابية السلمية وسقط شهيداٍ في أشهر جمعة وأهم حدث عايشه الشباب المتمثلة بجمعة الكرامة في 18 مارس 2011م.
تقول والدة صلاح لـ (الثورة): إن ابنها كان نموذجاٍ للشباب المثابر النقي الطامح بحياة أفضل .
هذه الأم التي لا تزال حزينة على ابنها الشهيد تتذكر لحظة علمها بنبأ استشهاده في جمعة الكرامة وكيف كانت الدموع تنهمر من عيناها ولا تزال تردد تلك الصيحة حتى الآن «دمك يا صلاح فدى للوطن».
صلاح وأمثاله قدموا للعالم النموذج الحقيقي للشباب اليمني وعرف المجتمع الدولي أن هناك شعباٍ نموذجياٍ وعريقاٍ وليس كما يتصور كيانات قبلية منغلقة على نفسها أو مجموعات إرهابية تخفيهم وترعبهم.
يقول أستاذ علم الاجتماع بصنعاء الدكتور حسن المعمري أن سلمية الثورة للشباب الحقيقي الذي قام بها وتصدى بصدور عارية للمدرعات والرصاص أذهل العالم وجعلهم يلتفتون إلى هذا البلد وشعبها الباحث عن دولة مدنية ويخوض حتى الآن منذ عامين مخاضاٍ عسيراٍ لوضع وتشريع لبناتها الأساسية.
ويقول: إن ثورة الشباب ظلت ماضية في طريقها على الرغم من محاولات عسكرتها وقدمت دروساٍ ونماذج فريدة من نوعها في التظاهر والاحتجاج السلمي الذي أفضى إلى تغيير سلس ونموذجي في إطار من التعايش بين جميع المكونات وبإشراف دولي كبير واهتمام لم تحظى به أي دولة في الربيع العربي.
ويشير إلى أن الأهم في ذلك أن العالم عرف حقيقة الشعب اليمني وكسب الشباب احترامه وتغيرت الصورة النمطية المرسومة في مخيلتهم عن هذا الشعب وارتباطه بالعديد من السلبيات المتمثلة بالنمط الاجتماعي القبلي والتشدد والإرهاب والتخلف وغير ذلك وعرفوا كيف يمكن لشاب أن يموت في سبيل أن يحيا بكرامة حيث لا يمكن أن يتصف بمثل تلك الصفات.
اهتمام دولي
سارع العالم إلى تقديم كافة أوجه الدعم لليمن الذي يمر بمخاض صعب في البناء والتغيير وبعد توقيع المبادرة الخليجية وانتخاب عبدربه منصور هادي رئيساٍ لليمن بدأ الملف الاقتصادي يزاحم الملفين السياسي والأمني حيث كان احد أهم مطالب الشباب الذين خرجوا إلى الساحات والميادين تتضمن البحث عن حياة كريمة من خلال بناء دولة قوية قادرة على تطوير وتحسين الوضع الاقتصادي والتنموي وخلق فرص عمل لاستيعاب الشباب العاطل والحد من البطالة والفقر.
وعقدت في هذا الصدد ما يقرب من سبعة اجتماعات لأصدقاء اليمن كان أهمها مؤتمر نيويورك الذي شارك فيه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بالإضافة إلى مؤتمر المانحين بالرياض وحصلت اليمن على دعم دولي كبير حيث بلغت التعهدات أكثر من 7مليارات دولار وبرنامج هام للاستقرار والتنمية وكذا وهو الأهم أصبحت اليمن بفضل هؤلاء الشباب محل ثقة واحترام لدى المجتمع الدولي.
صرخة مدوية
يعتبر خبراء اليمن أفقر بلد في العالم العربي إذ يبلغ متوسط دخل الفرد سنوياٍ 1300 دولار على الأكثر. ويعيش ما يقرب من نصف السكان على أقل من دولارين يومياٍ. وتملك البلاد أيضاٍ أسوأ السجلات في المنطقة في مجال التنمية البشرية بما في ذلك معدل يبلغ 54 % في معرفة القراءة والكتابة ومتوسط حياة يصل إلى 62 سنة ومستويات عالية من وفيات الأمهات وسوء التغذية لدى الأطفال. ويعاني اليمنيون أيضاٍ نقصاٍ في البنية التحتية وسوءاٍ في الخدمات المقدمة فيحصل أربعة من كل 10 أشخاص على الكهرباء وشخص من كل أربعة يحصل على مياه شرب نظيفة.
لهذه الأسباب طبقاٍ لخبراء كان لابد من صرخة تحرك المياه الراكدة وتغير الأوضاع وتضع اللبنات الأولى للتغيير نحو دولة قادرة على تحسين الوضع المعيشي وتحقيق المساواة بين جميع أفراد الشعب.
ويرى الدكتور المعمري أن الشباب حمل على عاتقه في الـ 11 من فبراير 2011م هذا الهم الكبير وقدم تضحيات جليلة في سبيل رسم معالم واضحة لمستقبل مشرق وحياة أفضل للجميع.
ويتعين على اليمن بحسب المعمري أن يبدأ بتطوير خريطة طريق للمستقبل والابتعاد عن الصراعات الحزبية والمناطقية الضيقة والاهم أن لا تضيع دماء الشباب النقي في تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في البناء والتنمية.
ويؤكد أن على الجميع تحمل مسئولياته لضمان تحقيق كافة متطلبات المرحلة الانتقالية والاتجاه لبناء مؤسسات قوية لفرض القانون ومحاربة الفساد بما يكفل في الأخير تحقيق غاية الشباب في بناء دولة مدنية حديثة.
استلهام ذكرى
يؤكد خبراء ضرورة استلهام ذكرى ثورة الشباب في وضع سياسات اقتصادية سليمة لمعالجة الفقر والبطالة وسوء إدارة الموارد العامة تدعمها مؤسسات خاضعة للمساءلة أمام اليمنيين. وبخلاف ذلك قد يكون مستقبل اليمن مقيداٍ بشدة من جراء انخفاض الإيرادات الحكومية وضعف قدرات الدولة والصراعات الداخلية.
مشددين على المنظومة الإقليمية لمجلس التعاون الخليجي تحديد سبل تحسين الفرص الاقتصادية وفرص العمل لليمنيين مثل فتح فرص الوصول إلى أسواق العمل أمام الباحثين عن العمل والاستثمار في اليمن إذ ستساعد كل هذه الخطوات على جعل مستقبل اليمن أكثر أمناٍ وستساهم في حل القضايا التي تغذي الاضطرابات المتراكمة منذ سنوات.
كما ان هناك أهمية لرصد الوضع القائم وقيام الجهات المعنية بدراسة الملف الاقتصادي في المرحلة الانتقالية وضرورة صياغتها رؤية تنموية واضحة وسليمة وبناءةº تقوم على ربط النمو بالتنمية وبناء القدرات البشرية للإنسان اليمني ورفع مؤشرات التنمية البشرية وسد الفجوات التنموية لصالح سياساتُ تنموية متوازنة تنتشل الاقتصاد اليمني من كبوته وإحداث نقلةُ نوعية في الاقتصاد اليمنيº من حيث ترسيخ مفهوم الاقتصاد المنتج وتعزيز شروط التنمية والازدهارº وذلك للمساعدة في بناء الندية التي يطمح الثْوار إلى أن تكون من شروط تعامل اليمن المستقبلي مع شركائه الاقتصاديين إقليميٍا ودوليٍا.