تحالف تدمير اليمن
عجبت كثيرا ولا زلت أتعجب من هذه الأمة العربية بالرغم من تاريخها الطويل المليء بالانجازات والسير العطرة إلا أن تاريخها الحديث مليء بالخزي والعار والمؤامرات ما بين تآمر البعض على الآخر ودفع الأموال لإحداث الفوضى والقلاقل فرأينا المؤامرات العربية على مصر ثم التآمر علي سوريا والعراق وليبيا وأخيرا شن حرب على اليمن بل والأدهى من ذلك تكوين تحالف عربي لضرب شعب عربي شقيق. التحالف تأسس بداعي إعادة الشرعية للرئيس عبد ربه منصور هادي وكم من أرواح بريئة أزهقت تحت اسم الشرعية بالرغم من وجود الكثير من السبل والدروب التي كان من الممكن أن يسلكها العرب لحل الأزمة القائمة في اليمن إلا أن قادة دول الخليج رفضوا اللجوء لكل السبل التي تحفظ دماء العرب من يمنيين وخليجيين ورفضوا النظر لدعوات الحل السياسي للأزمة والتي نادت بها عدة دول منها مصر مصممين على الاستمرار في الحل العسكري والذي راح ضحيته آلاف الأبرياء من الشعب اليمني دون ذنب جنوه. وبالرغم من القوة العسكرية الرهيبة التي جاء بها العدوان العربي على اليمن إلا أن المعارك الأخيرة كشفت عن فداحة الخسائر التي تكبدتها قوات التحالف العربي في العدة والعتاد والخسائر البشرية الأمر الذي خفض من حدة ولهجة الخطاب التي يتحدث بها قادة التحالف والرئيس اليمني منصور هادي “المقيم في الرياض” عن السيطرة على العاصمة اليمنية “صنعاء” خلال أيام قليلة ووضع الشروط لقبول الحوار الذي دعت له الأمم المتحدة.
وتؤكد الأحداث أن السعودية تمر الآن بأزمة لم تكن في حسبانها عندما قررت خوض حرب اليمن فالخسائر التي منيت بها ومعها قوات التحالف في الحرب حتى الآن خاصة الخسائر الأخيرة في مأرب ومن قبلها في تعز جعلتها تشعر بقسوة الحرب ومرارتها والتي خاضتها بداعي حماية شرعية “هادي” فقتلت في سبيل تحقيق ذلك الهدف الآلاف من أبناء الشعب اليمني الأبرياء ولم تنجح حتى الآن في دخول صنعاء بل إنها لم تستطع حتى حماية حدودها الجنوبية والتي أوقعت القوات اليمنية أيضا فيها خسائر كبيرة وتجاوزت الصواريخ حدود نجران إلى الداخل السعودي. كما أن الأزمة التي تمر بها السعودية حاليا ليست فقط في الخسائر التي تتكبدها في الحرب بل إن هناك انشقاقات بدأت تظهر فيما يسمى بـ”التحالف العربي” وتلك الانشقاقات أصبحت تدق ناقوس الخطر في السعودية خاصة أنها ترعى جماعة الإخوان المسلمين في اليمن وتستضيفهم في أراضيها وتتشاور معهم في شئون الحرب وتحركات القوات وغيرها من الأمور الإستراتيجية ما يعني أنها تعطي الإخوان قدرا كبيرا وهو ما ترفضه الإمارات فالإمارات تعتبر جماعة الإخوان جماعة إرهابية ومن هنا يظهر الخلاف الرئيسي بين البلدين القائدين للتحالف. ولم ينته الأمر عند هذا الحد فقد وجدت السعودية نفسها متورطة في الخلافات القائمة بين الحراك الجنوبي والرئيس هادي حيث أن الحراك لا يرى الرئيس هادي جديرا بالرئاسة لذا تفكر الرياض في استبداله بنائبه خالد محفوظ بحاح والذي لا يحظى بقبول كبير أيضا لدى الحراك لكن السعودية تخشى في الوقت نفسه من اتهامها بالتخلي عن حليفها في اليمن بل وأكثر من ذلك بأنها خسرت رهانها في إعادة الشرعية والمتمثلة في عودة “هادي” للقصر الرئاسي في صنعاء وهو ما تسعى لتنفيذه منذ أن بدأت حربها على اليمن. وفي الوقت الذي تقدمت فيه قوات التحالف في المعركة بقوات عسكرية وضربات لا تتوقف للطيران جاء الهجوم على معسكر قواتها في مأرب ليكون أمرا مفصليا في الحرب منذ بدايتها وكان الهجوم بمثابة جرس الإنذار الذي أوقف الزحف على صنعاء وهو الهجوم الذي خططت له القوات اليمنية ونفذته بكل دقة ما أدى لوقوع قدر هائل من الخسائر في صفوف التحالف العربي ما أجبرها على وقف التقدم لإعادة ترتيب الأوراق بعد معرفة الحجم الحقيقي للقوات اليمنية التي تذود عن أرضها وتاريخها ومستقبلها.
وفي ظل سخونة الأحداث وتعالي أصوات القنابل هنا وهناك ورفض التحالف العربي وقف القتال لمد البلاد بما تحتاجه من احتياجات إنسانية لاح في الأفق أمل جديد تمثل ذلك الأمل في ظهور تحالف قوي بين حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الرئيس السابق علي صالح وجماعة أنصار الله وجزء من الحراك الجنوبي وهذا التحالف يمكن أن يتطور بشكل كبير خلال الأيام القادمة الأمر الذي قد يقود لتشكيل حكومة كفاءات وطنية بالتوافق بين هذه الأطراف من أجل انتشال اليمن من أزمته وإعادة الأمن والاستقرار مرة أخرى للبلاد.
نقلا عن الخبر نيوز