اجعلوها حربا كبرى عالمية
في لقاء جمعني بثلة من الكتاب والصحفيين خارج الوطن كان موضوع الحرب المستعرة في اليمن يفرض نفسه باعتبارنا جميعا نكتوي بنيرانه وندفع ضريبته من كرامتنا قبل دمائنا ومن حساب مستقبلنا قبل حاضرنا ومن دموع أطفالنا الهالعين فضلا عن أشلائهم وجلودهم المحترقة..
في لقاء كهذا لابد ان تتعدد الرؤى والخيارات وان تتصاعد شقة الخلاف بين المتحدثين حد التصدع والصداع ..لكن الجامع والاتفاق الأوحد في الحديث ظل متمحورا في حجم القوة والنفوذ الذي تحظى به شخصية الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وما بات يمتلكه هذا الأمير اليافع الذي لم يحقق شيئا ذا دهشة طوال أعوام عمره الثمان والعشرين وبما يوجب له تلك السطوة المنسوبة له داخل أجنحة الأسرة السعودية المالكة.
بداية ليس في عالم الأسر الحاكمة شيء مستحيل فقد يرث الملك طفل رضيع في المهد وربما ينبعث شيخ تسعيني كان قد طواه النسيان ليرث ذلك الملك..
كل شيء جائز في دهاليز القصور حتى إن بدا غريبا غير منطقي ..
في قصر سلمان ربما حدث الكثير والكثير مما لاعين رأته ولاسمعت به أذن ..لكن الأكيد أنه كان أمرا جللا وبقدر خطورته جاءت نتائجه الأولى في هيئة الحرب على اليمن باستخدام كل هذه العنجهية والقسوة المتوحشة..
لربما في هذا الشأن نستضيء بقراءة مقالة هنري كيسنجر في العام 2013 عن حرب عالمية وشيكة الوقوع ..
ومن هذه الاستضاءة يقول كيسنجر الذي حكمت العالم عقودا عدة نظرياته ومخططاته السياسية الموغلة في القبح والقذارة والوحشية .. يقول: إن حربا عالمية رابعة ستقوم عن قريب ولن يكون مسرحها أوروبا ولا أمريكا بل أرضا محايدة بعيدة عن ارض اكتوت بنيران حربين عالميتين.
وأضاف كيسي كما كان يحلو له أن ينادى : مسرح الحرب العالمية القادمة سيكون الشرق الأوسط وبأيد شرق أوسطية لكن دفاعا عن مصالح القوى الكبرى التي لن تخسر شيئا في هكذا حرب بل ستعيد تشغيل صناعتها العسكرية وترفد خزانتها بريع مبيعاتها المتلاحقة لأنظمة تسعى للبقاء أطول فترة ممكنة لايهمها ان كان الثمن مستقبل وثروة شعوبها.
وفيما اتهم كيسي بالخرف بعد تلك المقالة التي أثارت ضجة حينها ومنع من الكتابة مازالت الأيام تبين لنا أن الرجل لم يكن خرفا بل ساخرا من الذين أحالوه للتقاعد وانطلقوا ينفذون خطتهم عبر محمد بن سلمان ونظرائه من الحكام الأطفال وما أكثرهم في الشرق الأوسط .