عيد مضى بلا فرحة
لم يعش اليمنيون عيدا تخللته حروب وصراعات مسلحة منذ عقود مضت بل أكاد أجزم بأنه أول عيد في حياة اليمنيين يمر وسط عدوان خارجي وحروب داخلية لم تشفع حرمة عيد الفطر المبارك من إزهاق أرواح الأبرياء وإصابة المئات بجروح بالغة ومتوسطة تتسبب في إعاقات من قبل نيران طائرات العدوان السعودي علاوة على ذلك إشاعة أجواء الخوف والهلع فأصوات الطائرات ودوي انفجار الصواريخ وتناثر شظاياها التي تطال الأحياء السكنية والمنازل والمحلات والمنشآت ولا تفرق بين من شكر سلمان أو سخط عليه, فكان نصيب الأطفال والنساء من حالات الفزع والخوف والذعر أكبر.
كما أنه لم تشفع إعلانات الأمم المتحدة عن هدنة خواتم الشهر الفضيل لتمتد إلى العيد ووجه العدوان السعودي إهانة بالغة للمؤسسات الدولية ولم يحترم قراراتها في هذا الشأن!
أزيز طائرات العدوان وأصوات القنابل والصواريخ الملقاة طيلة أيام العيد على المنشآت العسكرية والحكومية والخدمية ومقرات الأحزاب في المدن سرقت الابتسامة من وجوه الأطفال لكنها لم ثنهم عن الاستعداد للعيد ولبس الملابس الجديدة القديمة بصناعتها وموديلاتها وغلاء أسعارها بسبب الحصار الجائر وجشع التجار, واستغلالهم للأوضاع الراهنة ومضاعفة الأسعار وتحميل المواطن اليمني عبئا يضاف إلى أعبائه وزيادة معاناته.
أما المتنزهات والحدائق القليلة والعتيقة في عواصم المحافظات ولعلها المتنفس الوحيد لقضاء إجازات الأعياد لأغلب الأسر في الحضر وإما كانت مغلقة لقربها من منشآت حكومية و عسكرية أو مفتوحة عاشت شللا كبيرا لخوف الأسر من مغادرة منازلهم وأحيائهم وتعرضهم لطيش العدوان السعودي الغاشم!
حتى من تملكتهم الشجاعة بالذهاب لبعض الحدائق لم يذق أطفالهم حلاوة المرح والبهجة لتوقعهم حدوث عدوان الطائرات المحلقة في سماء الوطن في أي لحظة, وأبت طائرات حلفاء الشر إلا أن تنغص فرحة المواطن اليمني سواء في المدن أو القرى المستهدفة من العدوان.
عدوان الجارة المستمر قوض عملية التواصل الاجتماعي المعتاد في الأعياد فمعظم الأسر لم تستطع زيارة أقاربها في القرى أو المدن لانعدام المشتقات النفطية ولتدهور الحالة المعيشية والاقتصادية وفقدان الغالبية لوظائفهم وأعمالهم ومصادر رزقهم ومن يعولونهم خصوصا من ذوي المهن البسيطة والحرفية والعمال.
واضطرت الأسر اليمينية للتواصل بواسطة التلفون والسؤال عن حال أقاربهم الذي لا يختلف عن حالهم السيء يزيد منه انعدام الخدمات كالكهرباء والمياه .
حتى الجلسات المسائية والتي تعرف بمقيل القات اقتصرت في معظمها على أداء واجب العزاء في ضحايا وشهداء العدوان السعودي وحلفائه وتكاد لا تخلو الأحياء السكنية من مجالس العزاء والمآتم!
هكذا نغص أمراء البترودولار فرحة اليمنيين بعيد الفطر المبارك كما يقضي عدوانهم المتواصل على مقومات الحياة في هذا البلد المنهك والمثخن بالجراح والآلام وخسر أطفال الوطن السعيد عيدا يطول انتظاره لديهم وستحفر أيامه العجاف في ذاكرتهم أنه عيد ألم بلا فرحة.