مساع عمانية لإيجاد مخرج للأزمة اليمنية

التكتيك العسكري والاستراتيجي الذي اتبعه الحوثيون في تعاملهم مع «عاصفة الحزم» أربك السعودية وتسبب لها في صداع لوجيستي وأدخلها في دوامة لم تعد تعرف كيف الخروج منها.
فالحملة التي تقودها السعودية ضد الشعب اليمني لم تجبر الحوثيين على ترك مواقعهم والشعب اليمني لم يستسلم ووصلت قذائف المقاومة اليمنية إلى الأراضي السعودية فباتت المملكة تبحث عن مخارج لها من المأزق الذي تورطت به.
وأدت مجريات الأحداث على الساحة اليمنية إلى تراجع في مواقف السعودية وحلفائها بعد فشلهم العسكري وأصبحوا يأملون في خلق مساحة لحل تفاوضي يصلون من خلالها إلى نتيجة إيجابية عبر المفاوضات .
فها هو الرئيس الهارب إلى السعودية عبد ربه منصور هادي الذي كان قد اشترط سابقا تسليم الحوثيين أسلحتهم قبل المشاركة في محادثات سلام معهم يوافق الآن على المشاركة في المحادثات مع الحوثيين التي ستعقد في جنيف برعاية الأمم المتحدة بحسب تصريحات أحد مساعديه. فقرار هادي جاء بعد لقائه في الرياض مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وكان تم تأجيل مؤتمر جنيف الذي كانت الأمم المتحدة تنوي عقده في 28 مايو الماضي بسبب اعتراض هادي الذي اشترط تنفيذ القرار الأممي 2216 الذي يتضمن بنودا عدة بينها انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية وتسليم أسلحتهم قبل أية محادثات معهم.
يأتي ذلك في ضوء استمرار المشاورات التي يشارك فيها وفد من الحوثيين في سلطنة عمان التي تقود حراكا تسعى من خلاله إلى إيجاد حل سياسي للازمة اليمنية ويؤكد المراقبون أن سلطنة عمان التي تقود هذا الحراك في إمكانها أن تمارس دورا حقيقيا في حل الأزمة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية التي كان لها دور حاضر في الأزمة اليمنية من خلال الإعلان الأميركي الصريح عن الدعم الاستخباراتي واللوجستي لـ«عاصفة الحزم» التي فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة .
فواشنطن التي أدركت أن السعوديين لا يملكون استراتيجية حقيقية لتحقيق أهدافهم السياسية في اليمن باتت تسعى للعب دور آخر من خلال الوساطة بين الأطراف المتنازعة فدخلت طرفا في محادثات تقريب وجهات النظر للحوار المزمع عقده في جنيف بين الحكومة اليمنية والحوثيين وعلى ضوء هذا الحراك أجرى مسؤولون أميركيون محادثات مع الحوثيين في سلطنة عمان وهذا ما أكدته ماري هارف مستشارة وزير الخارجية الأميركي للاتصالات الاستراتيجية في 3 يونيو حيث قالت إن مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى آن باترسون أجرت لقاءات عدة مطلع الأسبوع الحالي بسلطنة عمان مع الأطراف اليمنية بمن فيهم الحوثيون.
ويؤكد المراقبون أن الصراع في اليمن بات شكلا من أشكال الصراعات التي لا يمكن حلها عسكريا فقوة الحوثيين فاجأت الطرف المعادي لهم وحققوا العديد من المكاسب على الأرض لذا بات لا بد من السعي إلى الحلول الدبلوماسية التي ستشكل مخرجا لهذا الصراع وعلى ضوء ذلك بدأ حراك لبعض الدول منها سلطنة عمان لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية وتراجع هادي عن عدم المشاركة في حوار مع الحوثيين إلا بعد تسليم سلاحهم.
فمع تراجع هادي عن شروطه التي وضعها للجلوس مع الحوثيين ومع المساعي التي تبذلها سلطنة عمان التي يدرك العديد من الدول الإقليمية صدقية الحكومة العمانية وسعيها الدائم من أجل إيجاد مخارج سلمية لبعض الأزمات يبقى السؤال هل سنشهد نهاية لـ«عاصفة الحزم» وتقبل السعودية بالحوثيين كجزء أساسي في السلطة الحاكمة في اليمن ويتم إعلان توقف الحرب على الشعب اليمني قبل شهر رمضان¿ سؤال ستجيب عنه مجريات الأحداث المقبلة.
* نقلا عن موقع صحيفة البناء

قد يعجبك ايضا