قلنسية.. ذات الشواطئ البيضاء والطبيعة النادرة

استطلاع/ فايز البخاري


إنه صباح يوم جديد والوöجهة فيه نحو مدينة قلنسية التي تعتبر ثاني أهم تجمع سكاني في الجزيرة بعد مدينة حديبو العاصمة واليوم هي عاصمة لمديرية قلنسية بعد تشكيل محافظة أرخبيل سقطرى.. قبل السفر إليها كان قد رسم لنا خريطة التوجه إليها وإلى أهم مناطق الجذب السياحي في الجزيرة كما هي العادة الصديق العقيد صفوان الداهية الذي قضى فيها أكثر من ثمانية عشر عاما أصبح من خلالها يعرف الجزيرة شبرا شبرا وتربطه بالكثير من أهلها علاقة وطيدة وطيبة.

أخذنا تلك الخريطة من الصديق صفوان الداهية وانطلقنا نحو قلنسية. وفي الطريق إلى قلنسية التي تقع إلى الغرب من مدينة حديبو وأقصى غرب جزيرة سقطرى لابد أنú يمر المرء على جسر وادي قاضب الشهير الذي تتدفق مياهه بغزارة نحو شاطئ قاضب البديع الذي في حال استثماره سيكون من أهم الشواطئ السياحية في عموم الجزيرة العربية واليمن.
وبعد قاضب لابد من المرور بمنطقة موري وقرى علامة وقبة وذنوبان وسهل قدامة الذي يتم استخراج الأحجار منه للبناء.. وفي سهوب قدامة يشعر المرء أنه في سهوب سيبيريا أو آسيا الوسطى ومنغوليا.. إنهما تتشابهان بطبيعتهما وخضرتهما وطقسهما إلى حد كبير.
من هناك يعرöج الطريق نحو الجبال لتبدو بعده سهوب أخرى غير سابقتها من حيث الأشجار والطبيعة والتضاريس وفي كلا الحالتين لابد أنú ترى الأغنام والماعز وهي تنتشر في كل شبر من تلك السهوب دون أنú تجد خلفها أي راع أو تمشي في قطعان كبيرة بل تمشي منفردة في الغالب وكلها مشغولة بتحصيل رزقها دون الالتفات للبقية فالخير موجود والأمن موجود ولا داعي للسير عصابات عصابات أو قطعان قطعان مادام هذه هي الأجواء التي تبعث على الأمن والسكينة والاطمئنان في كل شبر بسقطرى.. إنه مجتمع مسالöم لا يخاف فيه لا إنسان ولا حيوان!!
عند الوصول إلى مدينة قلنسية لابد أنú تكون أولى وجهات الزائر محمية داطوح التي تشتهر بأشجارها النادرة وطبيعة رمالها البيضاء التي يتكون منها الساحل الرملي الفريد الذي لا يشبهه شاطئ في أنحاء المعمورة فرماله البيضاء وامتداده الشاسع في أعماق البحر وهدوء أمواجه تجعل منه الشاطئ الأكثر جمالا في الدنيا.
وقد قيل لي أن إحدى السائحات الأوربيات حين وصلته في زيارة وكانت لوحدها أخذت تبكي وتنشج بالبكاء بصوت مسموع وحين سألها مرافقها اليمني عن سبب بكائها وهم في أحضان تلك الطبيعة الفريدة قالت: معقول هذا الشاطئ البديع والساحل الفاتن وأكون فيه وحدي¿¿¿!! لو كان هذا عندنا في أوربا لما وجدت موطئ قدم فيه سيظل مزدحما على مدار الساعة!! لديكم كنز لا تعرفون قيمته!!
طفت ذلك الساحل البديع مع رفيقيú رحلتي أكرم البخيتي وفلاح الوتر والتقطت له العديد من الصور وبالذات من أعلى الجبل الذي يطل عليه ثم اتجهت بحسرتي نحو شاطئ مدية قلنسية الذي يعتبر صخري إلى حد ما وهناك قابلتنا أفواج الطيور البحرية التي تعيش على فضلات الأسماك والأحياء البحرية التي يقذفها البحر وتعلق بتلك الصخور فضلا عن تكون بحيرات شبه راكدة بأعماق الرمل بعيدا عن الشاطئ بفضل المد البحري وتلاطم الأمواج حين يهيج البحر.
في ساحل قلنسية ستقترب جدا بل وتمتطي تلك الدبابات القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب وتنتشر في معظم سواحل سقطرى وبالذات في سهوب قدامة وسواحل قلنسية وموري.. هذه الدبابات بلا حراسة ولا حواجز ويمكن لأي فرد الاعتلاء عليها والتقاط بعض الصور. وقد سألت أحد الجنود عنها فقال إن مدافعها لا تزال تعمل وهم يقومون بصيانتها بين الفينة والأخرى لكن جنازيرها وإطاراتها تالفة تماما وبالتالي فهي لم تتحرك منذ أيام الاحتلال البريطاني الذي نصبها في تلك المواقع وظلت فيها إلى اليوم وقد أكلتú الأملاح مجنزراتها ولم يبق إلا الهيكل والمدفع الذي عليها.
تركنا الساحل وولجنا إلى وسط مدينة قلنسية التي هالنا جمال تكوين بيوتها التي لا يخلو بيت من حوش نخيل لكنها للأسف بمجملها لا تزال مدينة ترابية ولا يوجد فيها حتى شارع واحد إسفلتي وهذا ما أحببنا أنú ننقله هنا للسلطة المحلية وقيادة محافظة سقطرى الجديدة لتجعل من سفلتة وإنارة شوارع مدينة قلنسية من ضمن أولوياتها القصوى.
ومن المعيب أنú تظل قلنسية وبقية أنحاء الجزيرة دون الاهتمام المطلوب خاصة وعذراء اليمن الفاتنة – كما يسميها البعض – أو جزيرة البخور وجزيرة النعيم وجزيرة البركة وجزيرة اللؤلؤ وجزيرة اللبان وجزيرة دم الأخوين لا تزال بكرا وتحتاج الكثير من العناية وهي بالمقابل ستكون رافدا مهما لخزينة الدولة في حال تم استثمارها بالشكل المطلوب فهي ذات مكانة عالمية شهيرة باعتبارها إحدى أهم المحميات والمتاحف الطبيعية في العالم وقد أعلöنتú محمية طبيعية في عام 2000م وفي عام 2008م تم تصنيفها

قد يعجبك ايضا