السقاف والإعلام الرسمي
عباس السيد
ليس مهما أن تكون نادية السقاف أول سيدة تتولى وزارة الإعلام في اليمن المهم هو أنها أول وزير إعلام يمني يأتي من خارج الإعلام الرسمي وأول وزير إعلام يتمتع باستقلالية سياسية . وقبل هذا وذاك أول وزير إعلام له تجربة إعلامية خاصة ومتميزة.
تلك هي السمات التي تجعل من نادية السقاف وزيرا متميزا أو مختلفا عن سابقيها من الوزراء . هذا التميز أو الاختلاف يأمل الكثيرون أن ينعكس إيجابا في أداء مؤسسات الإعلام الرسمي المقروء والمرئي والمسموع .
لم يتسن لي حضور اللقاء الذي جمع الوزيرة السقاف بالزملاء في مؤسسة الثورة للصحافة …………………. مع أنني كنت متشوقا لسماع رؤيتها حول الصحيفة بشكل خاص والإعلام الرسمي بشكل عام .
اللقاء الذي وجد فيه البعض فرصة لإلقاء التهم والإدانات وتقديم المظالم الشخصية تحول إلى “غاغة”. ومع ذلك تمسكت السقاف بهدوئها واستعانت بالصبر “والصلاة على النبي”.
ومثل طبيب روحاني بارع وضعت أصبعها على جرح الإعلام الرسمي المتمثل في فقدان الثقة بينه وبين المتلقين ولم تفصل بين معاناته ومعاناة منتسبيه ـ الحقيقية منها والمفتعلة ـ ” يشبه الأمر مريضا يشكو ألما في معدته فيكتشف الطبيب أنها مجرد أعراض للمرض الذي يسكن الدماغ “. قدمت الوزيرة وعدا بأنها ستعمل على خلق الثقة بالإعلام الرسمي .
هذا الوعد يعني أنها مدركة بأن مسؤوليتها مختلفة ومهمتها ليست بروتوكولية أو روتينية كسابقيها من الوزراء بغض النظر عن مدى قدرتها على تحقيق هذا الهدف .
ألقت السقاف حجرا في بركة الحبر الراكدة وهي خطوة تحتاج إلى دعم وإشارة ينبغي التقاطها وعدم إضاعتها كما فعلنا بإشارة الرئيس هادي في 2012 عندما وجه بإلغاء زاوية ” إضاءة ” من صدر صحيفة الثورة .
وما كان للرئيس هادي أن يقدم ذلك التنازل لولا المغامرة الجريئة التي أقدمت عليها هيئة تحرير الصحيفة ـ بتأثير من ثورة فبرايرـ بإلغاء نفس الزاوية التي كانت مخصصة للرئيس صالح قبل أيام من تسليمه السلطة.
تعرضت هيئة التحرير على إثر تلك الخطوة لحملة تخوين واتهامات أقصي رئيس التحرير المكلف الأستاذ ياسين المسعودي وحوصرت الصحيفة بميليشيات الحزب الحاكم .
وفي اليوم التالي أعيدت” إضاءة الرئيس صالح” ومعها اعتذار عما جرى رغم بدء العد التنازلي لرحيله عن السلطة .
رحل صالح وتسلم الرئيس هادي السلطة ومعها “إلإضاءة” وكأن الزاوية جزء من مراسم تنصيب الرئيس بعد أيام وجه الرئيس هادي بإزالة “إضاءته” من الصحيفة .
كان ذلك التوجيه بمثابة إشارة خضراء أطلقها الرئيس هادي للإعلام الرسمي وبدلا من التقاطها إشارة الإذن بتغيير سياساتها دخلت وسائل الإعلام الرسمي المختلفة في منافسة جديدة لتغيير الرئيس المتواضع ابن الوضيع وتحويله إلى ديكتاتور جديد .
بعد نحو ثلاث سنوات من التطبيل والنفاق والتضليل والتعتيم لا تزال المنافسة مستمرة ولا يزال الرئيس هادي طيبا ومتواضعا وبإمكان الوزيرة السقاف استثمار طيبته وتواضعه لصالح الهدف النبيل الذي وعدت بالعمل من أجله.
المشكلة الوحيدة التي يمكن أن تعيق تحقيق ذلك الهدف تكمن في قدرتها على إقناع المسؤولين المباشرين عن تلك المؤسسات بأن النفاق والتزلف من قيادات الدولة لم يعد شرطا لاستمرارهم في مناصبهم .
وقبل ذلك لا بد من وضع وإقرار استراتيجية إعلامية يحدد فيها أهداف الإعلام الرسمي ومسؤوليات القائمين عليه وتكون بمثابة ضمانة مطمئنة لقيادات المؤسسات الإعلامية وملزمة لهم في نفس الوقت .
aassayed@gmail.com