البعد المجتمعي للمسؤولية الوطنية وخيار الدولة

محسن خصروف

 - 
منذ زمن بعيد لم يغب عن المشهد اليمني التكامل في الأدوار الاجتماعية خاصة  ما يتصل منها بالمسؤولية الوطنية  في التعامل مع قضايا المجتمع وكذلك قضايا الدول

منذ زمن بعيد لم يغب عن المشهد اليمني التكامل في الأدوار الاجتماعية خاصة  ما يتصل منها بالمسؤولية الوطنية  في التعامل مع قضايا المجتمع وكذلك قضايا الدولة التي تبدأ من المستويات المحلية وقد تمتد تصاعديا إلى المستوى الوطني وقد عايشنا جميعا الكثير من النماذج المتنوعة للمشكلات المجتمعية التي قد تكون مدنية أو جنائية أو سياسية أو ما شابه ذلك. وخلال تلك المشاهدات كان الملمح البارز في معظم تلك القضايا أو المشكلات هو أنها في كثير من الأحيان لم تكن لتصل إلى الجهات المعنية في الدولة حيث كان عقلاء القرية أو المنطقة يتدخلون لحل تلك المشكلات ويعملون على إنهائها بشكل تام سواء بالحكم لصاحب الحق حكما تاما أو بالتصالح أو ما في حكم ذلك. ليس ذلك وحسب بل إن العقلاء كانوا يحولون دون حدوث الكثير من الأعمال المخلة بالأمن, والكثير من الفتن والصراعات التي قد تتطور إلى التقاتل بين شخصين أو عائلتين أو عشيرتين أو قريتين أو قبيلتين أو تلك التي قد تمس الأمن العام. كان الجميع يحافظ على الأمن ويمنعون ويقاومون القطاعات المتبادلة بين بعض القبائل والمناطق في الطرقات وذلك ناتج عن  حرصهم الشديد على بقاء وقوة وهيبة ورمزية الدولة يوافقون على معارضة السلطة وفسادها وأخطاءها ولكنهم لا يوافقون على استهداف الدولة وكيانها كان ذوي العقل يحرصون على أن يوصلون لعامة الناس فكرة مهمة مؤداها: “أن الدولة هي الحصن الحصين لكل أبناء اليمن بمختلف مشاربهم وهوياتهم وتناقضاتهم السلطة والمعارضة وأن أية اختلافات قد تحدث بين الناس لا ينبغي لها مهما كانت أن تمس الدولة وهيبتها كما لا ينبغي الخلط بين معارضة  السلطة الحاكمة وبين زعزعة كيان الدولة لأن سقوط هيبة الدولة لن يؤدي إلا إلى دخول المجتمع في دوامة من الصراعات والتقاتلات المفضية إلى الفوضى العارمة الماحقة المتعددة المظاهر والأسباب تصير معها وفي غياب سلطة الدولة كل قوى المجتمع عاجزة عن اجتراح الحلول المناسبة وقد تتمدد وتتجذر تلك الفوضى والصراعات حتى تستمرئها بعض القوى أو الجماعات الاجتماعية بل وتقاوم عودة الدولة وهيبتها وسلطتها النافذة الشاملة كما هو الحال في الصومال وكانت النتيجة الطبيعية المترتبة على كل ذلك أي على استمرار وانتظام التكامل بين الدولة والمجتمع والحفاظ على كيان الدولة بخير معافى أن تحقق قدرا أعلى من الأمن المجتمعي في معظم مناطق اليمن حتى في أوج معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية بل في ملحمة السبعين الخالدة وكانت الدولة ومحاكمها تقر وتعتمد الأحكام الصادرة من حكام التراضي بل إن كانت في قضايا كبرى  فإن المحاكم الاستئنافية بدرجاتها المختلفة وكذلك المحكمة الاستئنافية العليا تقرها وتعتمدها ولا سبيل لنقضها. الأمر الذي أثمر حالة من الاستقرار والأمن الاجتماعيين وفرا  على الدولة الكثير من الجهود والإمكانيات المادية والبشرية وحين  كنا نسمع كثيرا المثل الشعبي أو الحكمة الشعبية القائلة:” للدولة الظالمة في اليوم ألف حسنة” يتردد على ألسنة كبار السن وذوي العقول الراجحة فإننا لم نقدر قيمة هذه الحكمة حق قدرها حتى رأينا رؤيا العين ما أنتجه تدمير الدولة ومؤسساتها في العراق وفي ليبيا وقبلهما الصومال وما يجري في سوريا من تدمير متعمد للدولة وصرنا ترتعد فرائصنا مما يمكن أن يحدث لو تم لقوى الشر النجاح في ما تريد من تدمير للدولة اليمنية.
 لقد ساءت الأحوال في مجتمعنا منذ أن بدأ العد التنازلي للتكامل المجتمعي بعد أن اضطرب نسق القيم الاجتماعية بسبب عوامل مقصودة هي في حقيقة الأمر من صنع (المجاميع) التي انفردت بالدولة والمجتمع وثروته وكل أدوات القوة فيه في غفلة من الزمن ومقاييسه ومعاييره وكل سننه وأخضعت كل ما فيه ماديا ومعنويا لإرادتها ورغباتها ومصالحها الضيقة وشكلت كيانات أو تكتلات تتكامل في كل فعل سلبي فاستهدفت أول ما استهدفت بالتدمير المتعمد والمخطط له نسق القيم الاجتماعية فقلبت موازينها رأسا على عقب وأحلت الأضداد منها محل بعضها فأعلت تدريجيا من شأن كل ما هو سلبي وحطت من شأن الإيجابيات بصور متتابعة فترتب على ذلك أن رأينا شرائح طفيلية من المجتمع تنمو نموا سرطانيا وصارت تستأثر بالسلطة والقوة والمال بل وثروة الوطن معززة بالقيم المستحدثة التي أشاعتها والمتمثلة في: الجهل والأمية والشطارة والفهلوة والكذب والتدليس والدجل والخسة وقلب الحقائق والمعايير وخلط الأوراق والانتهازية والتزوير وتزييف الوعي وبالمقابل شجعت على استهجان والسخرية من القيم الإيجابية الحميدة مثل: الكفاءة الخبرة العلم الصدق الأمانة الشرف الوطنية الشجاعة والنبل والإخلاص في العمل والتفاني في خدمة

قد يعجبك ايضا