انطباعات العيد..
الشيخ/ عبدالله عبدالرحمن السقاف الطهيفي
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد
كيف نشعر بأننا في عيد وغزة تحترق في مواجهة أعتى عدوان وجبروت وظلم وقهر عرفته البشرية ومما يحز في النفس ويؤلم القلب أننا نرى العالم يتفرج ولا يحرك ساكنا أما العرب فهم مشغولون بماهو أهم في نظرهم وهو (أيهما خلق أولا الدجاجة أم البيضة).
كيف نشعر بأننا في عيد والمسجد الأقصى يدنس بل ومهدد بالتدمير والهدم من قطعان اليهود الذين أتوا من شذاذ الآفاق برعاية أميركية وتآمر دولي.
كيف نشعر بأننا في عيد و سوريا تدمر سوريا جنة الله في الأرض بلاد الشام الحبيبة من حلب الشهباء المدينة الصناعية والاقتصادية إلى دمشق الفيحاء العاصمة الأموية الشهيرة على ضفاف نهر العاصي بردى الذي لكل نقطة ماء به ألف حكاية وحكاية في تاريخ الشام ثم حمص وحماه على ضفاف نهر العاصي إلى منبج والحسكة والقامشلي على ضفاف نهر الفرات والخابور ورأس العين حيث إنتاج القمح البلدي ثم كيف نشعر أننا في عيد وبلاد الرافدين دجلة والفرات العراق وطن الأنبياء ومهد الحضارة ومنبع التاريخ يهدم ويدمر وينهب منذ إحدى عشرة سنة ولا زال التدمير والهدم مستمرا بوتيرة عالية من الموصل ذات الربيعين إلى بغداد مدينة الرشيد دار السلام العاصمة الإسلامية التليدة لـ600 سنة ثم إلى البصرة وقادسية سعد بن أبي وقاص عمل الأعداء على هدمه وتفريق شعبه إلى دويلات وأحزاب تابعة للعمالات الأجنبية المشبوهة بصورة ممنهجة فلم يكتف العدو بتدمير الجيش العراقي الذي كان من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط على الإطلاق وكان يحتل المركز الخامس بين جيوش العالم لم يكتفوا بذلك بل تمت تصفية علماء العراق في شتى العلوم بمختلف فروعها ثم الكوادر الإبداعية وصولا إلى تدمير حدائق بابل المعلقة والحجر والشجر ثم كيف نشعر أننا في عيد وتونس الخضراء تحترق بلد الخير وبلاد أبو زيد الهلالي وقابس الهلالية وصفاقس وجربه ومدينة بوزيد تونس سويسرا العرب.
ثم كيف نشعر أننا في عيد وليبيا تدمر بلد المليون حافظ للقرآن ليبيا مقبرة الغزاة الايطاليين بلاد بني هلال بن قيس غيلان بن مضر بن نزار بن معدبن عدنان وهم اليمانيون المهاجرون في القرن الخامس الهجري ومعهم قبائل بني سليم وقبائل المقارحة وآل بريك وآل ربيع ومن عدة قبائل من اليمن والجزيرة العربية على وجه الاجمال الذين سكنوا في برقة والجبل الأخضر عرين شيخ الشهداء عمر المختار رحمه الله وطرابلس العاصمة درة المغرب أفريقيا لم تعد طرابلس كما كانت ومطار طرابلس العالمي اصبح مسرحا للإرهاب والتدمير والهدم والعبث بعد أن كان يضاهي أرقى مطارات أوروبا فحمل اسم مطار طرابلس العالمي لذلك . ثم أضحت مدينة بنغازي عاصمة برقة أشباحا ومدينة سبها عاصمة الصحراء التي تمتزج طبيعة الصحراء فيها بعبق التراث الشعبي قفراء . ومدينة مصراته مدينة العلم تبكي الاطلال.
ثم كيف نشعر أننا في عيد ومصر كنانة العرب مضطربة الأحوال وعاصمتها فسطاط عمرو ابن العاص وقاهرة المعز والأزهر الشريف مركز إشعاع للعالم الإسلامي مصر بلد الخيرات الوفيرة والنيل شريان الحياة لأهل مصر الذين يشكلون قرابة المائة مليون عربي مصري.
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد.
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد
أما من يعيش اليوم خلف القضبان الحديدية والأبواب السوداء الحديدية فهل يشعر بالعيد ونكهة العيد ورونق العيد¿ بل كيف يشعر أنه في عيد وهذا أبو فراس الحمداني فارس السيف والقلم عندما كان في سجن الروم فأمضى به أربع سنوات يعبر عن لسان الحال في سجنه لما رأى حمامة على شباك السجن قد أطلقت العنان لصوتها الشجي على طريقتها ولما الله فطرها عليه ما أثار شعوره وما تجيش به نفسه قال:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة
أيا جارتا هل تشعرين بحالي¿
معاذ الهوى!ماذقت طارقة النوى
ولا خطرت منك الهموم ببال
أتحمل محزون الفؤاد قودام
على غصن نائي المسافة عال¿
أيا جارتا ما انصف الدهر بيننا!
تعالي أقاسمك الهموم تعالي!
أيضحك ماسور وتبكي طليقة
ويسكت محزون ويندب سال¿
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة
ولكن دمعي في الحوادث غال!
هكذا قال أبو فراس الحمداني يرحمه الله تعالى
وعلى أية حال فإن عزاء كل سجين في أنه ربما يصون عرضا أو يحقن دماء أو يزيل ظلما أو يحل اشكالا أو لرفض الخنوع أو لرفض التنازل عن العرض أو الأرض أو التنازل عن الوجود أو التخلي عن التاريخ التليد الذي أضحى ملزما لا مناص عنه وما