الحراك الاجتماعي والسياسي في ظروف المجتمع السياسي العادية
أ.د. عمر عثمان العمودي

يباشر ويمارس الناس حياتهم السياسية والاجتماعية في ظروف المجتمع السياسي العادية وفقا للنظام والقانون السائد والمتاح لهم ووفقا لما جرت عليه العادات السائدة فقوام حياتهم يتركز في قدرات الفرد ومبادراته الشخصية وعلى أساس عمله وعلاقاته الاجتماعية ويشارك القادرون والمؤهلون منهم في الشأن العام والسياسة العامة عن طريق الانتخابات العامة الدورية وعن طريق الانتماءات السياسية الحزبية والصحافة وبعض منظمات المجتمع المدني ويدافعون عن حقوقهم وفقا للنظام والقانون والقضاء ويتواصلون مع الحكام بطرق عدة ومنها الشكاوى كما قد تتاح لهم بعض الطرق الأخرى كالمظاهرات والإضرابات السلمية المقننة والمجتمع السياسي هذا لا يمكن وصفه بالجمود بل هو يسير في اتجاه التطور والتقدم ولكن على أساس متدرج ويمكن تسريع خطى التطور إذا اتصفت القيادة السياسية بالرشادة والكفاءة والمرونة والتجاوب الايجابي مع هموم الشعب ومطالبه وتطلعاته هنا فإن الدولة والنظام السياسي لا يكونان في حالة تباين وتناقض مع الشعب والمجتمع وخاصة إذا كانت العلاقة تقوم الثقة المتبادلة بينهما وخاصة إذا اتصف الحكام بالعدل والإنصاف بغض النظر عن فشلهم النسبي في تحقيق الآمال المقصودة عليهم .
والمشكلة والإشكالية في علاقة الحكام بالمحكومين تبدأ في البروز والتعقد عندما يبدأ الحكام في الانحراف بالدولة والنظام السياسي ومؤسساته بعيدا عن مصلحة السواد الأعظم من أبناء الشعب لمصالحهم الخاصة الشخصية والعائلية وفي اتجاه إقامة علاقات وزواج مصلحي مع التجار والرأسماليين الجشعين وهنا يبدأ تململ الناس من الحكام ويتطور هذا الموقف إلى سخط عام وإذا تمادى الحاكم في عزله وعجزه عن الشعب وابتعد عن العدل والإنصاف ومحاربة الفقر والجهل والتخلف بكل صوره في اتجاه حكم وهيمنة القلة المستغلة والمستبدة تتفاقم الحالات والقضايا البسيطة إلى مشاكل معقدة في كل أوجه الحياة وتتحول هذه الأمور والظواهر إلى ماهو أكبر من ذلك أي إلى أزمات والأزمات تتحول إلى تباعا إلى كوارث وفواجع النظام السياسي بشقيه السياسي والإداري في القيادة السياسية والقيادة الإدارية يفقد شعبيته ويفقد احترام ومساندة الناس له ويتحمل مسؤولية عجزه عن سوء إدارة البلاد بأمانة ومسؤولية وبالقدرة على التطور والتكيف مع معطيات ومدخلات البيئة المحلية والمحيط المحلي وتداخلها مع مستجدات المحيط الإقليمي والدولي وفي ظل هذا الفشل تهتز هيبة ومكانة الدولة والنظام السياسي وينتقل الحراك والصراع السياسي من مرحلة النضال والمطالب القانونية إلى وسائل أخرى يغلب عليها اللاقانونية من عنف وإرهاب و ثورة وتخريب .
