في مواجهة العنف المسلح وشيطنة الآخر

كتب/المحرر السياسي


جاء الاتفاق المعلن أمس لإنهاء التوترات والاشتباكات في عمران تتويجا للجهود الوطنية المسؤولة التي بذلها ويبذلها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في سياق سعيه الدائم لنزع فتيل الفتنة والتصدي لمشاريع القتل والاحتراب.
بل هو انتصار حقيقي لسياسته الرامية على الدوام إلى تغليب ثقافة السلم والحوار بين القوى المختلفة والأطراف السياسية وبما يؤدي إلى احتكام الجميع لسلطة مؤسسات الدولة المسؤولة قانونيا وأخلاقيا عن جميع المواطنين.
ومن المؤكد أن هذه السياسة الحصيفة التي دأب الأخ الرئيس على نهجها تستدعي أن تستوعبها كل القوى الوطنية الشريكة في مسؤولية التأسيس لليمن الجديد وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتكرس جهدها للانصياع لإيجابيتها بعيدا عن المشاريع القائمة على استعداء الآخر أو الاستقواء عليه أو محاولة شيطنته لأي سبب من الأسباب.
ويمكن للجميع أن يستفيد من دروس الماضي القريب والبعيد للتاريخ الوطني لإدراك أن مبدأ التعايش السلمي والقبول بالآخر المختلف فكريا أو سياسيا أو ثقافيا هو الوسيلة الوحيدة التي ستجعل من اليمن وطنا آمنا وقويا ومستقرا وكلها مبادئ أقرها مؤتمر الحوار الوطني ولا يجهلها أو يحاول إنكارها أي طرف من الأطراف.
ومن اليقين أن الأحداث المؤسفة التي شهدتها أخيرا محافظة عمران ما كان لها أن تحدث لو تحلى الجميع بالمسؤولية الوطنية والتجأوا إلى لغة الحوار والإقناع والتفاهم تحت مظلة الإرادة الوطنية الجامعة وسيادة الدولة ممثلة في مؤسساتها القائمة التي يفترض أن لها وحدها سلطة اتخاذ القرار وتطبيق القانون بالعدل على الجميع دون تحيز أو ميل أو استعداء.
كما أن فيها من ناحية ثانية شاهدا لا يتطرق إليه الشك يؤكد ضرورة أن تتخلى جماعات العنف جميعها عن نهجها في اللجوء إلى قوة السلاح وسفك الدماء لما في ذلك من انتهاك صارخ لقيم المدنية واعتداء سافر على سلطة القانون الذي يخول الدولة وحدها بإنفاذه ويعطيها الحق الحصري في امتلاك السلاح واستخدامه المشروع.
ولا يخفى أن هذه القضايا وغيرها كانت على طاولة مؤتمر الحوار الوطني ونوقشت باستفاضة مما يعني ضرورة الإسراع إلى تنفيذ قراراته والانتصار لها فقد سئم الشعب عيشه تحت رحمة التسلط كما مل عنجهية مراكز القوى وأصحاب النفوذ ومن حقه اليوم قبل الغد أن يتخلص من وبال المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون أيا كانت راياتها أو انتماءاتها أو تبعيتها لأن بقاءها جاثمة على صدر البلاد لا يمكن أن يستقيم مع وجود الدولة الوطنية المعنية بحماية الشعب من مخاطر الداخل والخارج وحفظ حقوقه وكرامته وحياته من كل التهديدات.
وإنه لمن المؤسف حقا أن نرى بعض القوى والأطراف السياسية أحزابا وأفرادا وهي تحاول اليوم النكوص أوالتملص من تبعاتها الوطنية والتزاماتها الأخلاقية منصرفة إلى خصوماتها الثأرية أو مصالحها الأنانية في وقت يتطلع فيه ملايين اليمنيين إلى غد أفضل تسوده الحرية والعدالة والأمن ويحكمه القانون.
من المؤسف كذلك أن يفهم البعض أن المسؤولية الملقاة على عاتقه تعني أن ينتهزها غنيمة لحزبه أو قبيلته أو منطقته أو جماعته دون سواهم من اليمنيين بل إنه من العار الوطني والأخلاقي في حق كل النخب السياسية والحزبية أن نراها تستميت في الدفاع عن مشاريعها الصغيرة أو عقائدها أو هوياتها الضحلة على حساب المشروع الوطني الكبير مشروع بناء الدولة اليمنية الجديدة!
غير أنه من الجيد أن نعرف أن الوقت لم يفت بعد وأنه لازال بمقدور أي كان أن يراجع مواقفه وخطاباته ونواياه ليستوعب أن الأمل الوحيد لليمنيين دولة وشعبا بات مرهونا بمدى إخلاص نخبه السياسية وقواه المجتمعية المختلفة في تنفيذ خارطة المستقبل التي أقرها مؤتمر الحوار باعتبار ذلك الفرصة المتاحة والوحيدة الفرصة التي يجب أن يتكاتف فيها الجميع دعما ومساندة لرئيس الجمهورية لتحقيق الأمل المنشود لأن ما عداها يعني الانهيار والتمزق والتناحر والاقتتال والاحتكام للغة الجبروت وسيادة الفوضى.

قد يعجبك ايضا