إنشاء هيئة قضايا الدولة ضرورة ملحة
يونس الحكيم

مقال
بالرغم من الجهد الذي بذله الإخوة في فريق استقلالية الهيئات ذات الخصوصية بمؤتمر الحوار الوطني باستخلاص الموجهات الدستورية والقانونية اللازمة لإرساء بنيه مؤسسية فاعلة لإعادة بناء مؤسسات الدولة المستقلة ذات الخصوصية إلا أنه أغفل ذكر وإنشاء واحدة من أهم الهيئات المستقلة على الإطلاق والتي بإنشائها سيتحقق الكثير كيف لا وهي قوام العملية التنموية في أي بلد هذه الهيئة هي هيئة قضايا الدولة وما أحوجنا إلى مثل هكذا هيئة في دولة مسلوبة تعرضت لشتى عوامل التعرية منذ عقود ولم تفكر أي سلطة حكمت البلد في إنشاء هذه الهيئة التي تمثل الدولة وتكون نائبا لها في الدعاوى المدنية وسدا منيعا لحماية المال العام ومصالح اليمن وشعبه وليست بديلا عن هيئة مكافحه الفساد أو بديلا لقانون استرداد الأموال المنهوبة فالأولى تتعلق بأعمال جنائية والثانية وإن تشابه دورها مع هيئة قضايا الدولة إلى حد كبير إلا أن دورها أوسع وأشمل بل لو وجدت هذه الهيئة لما احتجنا لقانون استرداد الأموال المنهوبة ولقد سمعنا وشاهدنا كيف كل مؤسسة أو جهة حكوميه تشكو كل منها الآخر فشركة النفط تشكو الكهرباء بعدم سداد مديونيتها من المليارات والكهرباء تشكو الغير وبعض مؤسسات الدولة بعدم سداد مديونيتهم للوزارة المقدرة بعشرات المليارات وكذلك الحال في مؤسسة المياه وشركة الاتصالات وأراضي وعقارات الدولة ووزارة الأوقاف التي هي أكثر المظاليم وقد صدر تقرير رسمي قبل أشهر يوضح فيه أن أراضي وعقارات الأوقاف بالأمانة ٧٠٪-٨٠٪منها مغتصبة وعلى أية حال فإن المنازعات الداخلية على هذا الصعيد لا تعد ولا تحصى وإنشاء هيئة خاصة بقضايا الدولة ما تقتضيه الضرورة نستطيع من خلالها المحافظة على مقدرات البلد ليس على الصعيد الداخلي فحسب بل وعلى صعيد المنازعات الخارجية فكم من اتفاقيات وعقود أضرت بالمصلحة العامة سواء كانت استثمارية أو تسوية لمنازعات حدودية وكم عانينا ومازلنا نعاني إلى الآن من العديد من تلك الصفقات المجحفة وكم عانى وزير النقل حتى استطاع استرجاع موانئ عدن وربما لو لم يكن غيره لما استطعنا فعل شيء فكل هذا سيكون من اختصاص الهيئة سواء أبدى رغبته النظام الحاكم أو الوزير الفلاني أو لم يبد فهي هيئة مستقلة قضائية لا يستطيع أحد التأثير عليها وبالمناسبة في اليمن لا يوجد سوى قطاع لقضايا الدولة يتبع وزارة الشؤون القانونية وتكون مهمته تمثيل الدولة فيما يرفع عليها من دعاوى مدنية من أفراد أو أشخاص اعتباريين ومعنويين تصل حجم القضايا إلى المئات خلال العام دون أن نسمع أن هناك قضية واحدة رفعها قطاع قضايا الدولة لصالح الدولة والمقدرة بالآلاف.
وفي الأخير أتمنى أن تصل هذه الفكرة التي تتبلور حول مقترحات أضعها بين يدي الحكومة ممثله بوزيري الشؤون القانونية (كون وزارته هي الجهة التي تمثل الدولة قانونيا) والعدل (كون هذه الهيئة في أغلب البلدان تتبع وزارة العدل) على سرعة إعداد مشروع قانون إنشاء هيئة قضايا الدولة لما له من أهمية بالغة وضرورة ملحة لإدراك ما فات لعلنا نلحق بركب البلدان الأخرى ومنها مصر الذي سبق لها أن قامت بإنشاء هيئة قضايا الدولة في العام ١٨٧٥ أي منذ ما يقارب مائة وأربعين عاما والضرورة لا ترخص بالإلحاح.