بصمات
نبيهة محضور
السماء تنذر بمخاض قريب , اختفت زرقتها الصافية خلف ركام السحاب الباكي , دموعها كانت تقبل خد الأرض , أنينها يفزع القلوب , تحول ذلك النهار إلى ليل داج , الشوارع خلت من المارة , الباعة المتجولون يفرون بعرباتهم , الأطفال اكتفوا بالنظر من خلف زجاج النوافذيتأملون حبات اللؤلؤ المتساقطة , التي تفترش الأرض .
أفرغت السماء مافي رحمها بعد مخاض عسير .. أطل اليوم التالي بوجه على الكون , العصافير تغادر أعشاشها .. تطلق زقزقاتها الرائعة ..بدأت الحياة تدب من جديد , وبدأت أنا استعد لمغادرة المنزل إلى عملي , نظرت من النافذة قبل خروجي , كان المنزل كجزيرةعائمة , الحي الذي اسكنه, لم يحض بأي اهتمام وكأنه خارج نطاق التغطية ! عكس ذلك الحي المحظوظ الذي يسكنه هو ..( محافظ المحافظة ) لا أثر فيه لبحر ولا لنهر ولا حتى بركة.. سبحان الله ..
أطفال الحي كانوا فرحين ببحيرات الماء المحيطة بمنازلهم ..فهي فرصتهم لتجربة السباحة في بحر اختلطت فيه مياه الأرض بمياه السماء ..تجولت عيناي شمالا وجنوبا شرقا وغربا باحثة عن طريق أضع قدماي عليه , الماء يحيط بي من كل جانب..
– ياللهول .. كيف سأغادر ¿ تساءلت بيني وبين نفسي و أناأقف على باب المنزل حائرة.!! آه .. يبدو لي أن ذلك الطريق لابأس به .
خطوة واحدة..غاصت قدماي في مستنقع من الوحل .. بعض الأحجار المتناثرة هنا وهناك والتي كنت أتضايق من وجودها دوما كانت الجسر الذي استخدمته للعبور على جسدها و أنا أحاول الوصول إلى ذلك الطريق الإسفلتي , بعد عناء وخوف من السقوط في أي لحظة , وصلت أخيراإلى هناك ,حيث كانت الحافلة بانتظاري , صعدت إليها نظرات الركاب كانت تلاحق حذائي الذي اختفت معالمه , بصماته كانت واضحة على أرض الحافلة , شعرت بالحرج وعينا السائق ترمقاني بنظرات مليئة بالغضب وبلهجة حادة قال :
ما هذا يا سيدتي ¿ انظري ماذا فعلت ¿
اكتفيت برفع كتفاي دون تعليق !
سرت ضحكة خفيفة من صديقاتي حين همست إحداهن في أذني مداعبة لي – يستحسن أن تشتري لك قاربا هذه الأيام ..