أين الصناعة والتجارة¿!
أحمد سعيد شماخ

أحمد سعيد شماخ –
كواحد من أبناء هذا الوطن وكابن جيل شهد تجارب ومحاولات التصنيع المتواضعة خلال العقود الماضية والتي لم تسفر حتى الآن عن أي تقدم صناعي ملموس مقارنة بدول أخرى تقع في محيط اليمن كسلطنة عمان على سبيل المثال وغيرها والتي كانت إلى حد قريب تتشابه مع أوضاع اليمن في كثير من الظروف الاقتصادية ولاجتماعية غير أننا نجد اليوم أن هناك هوة كبيرة بين الشقيقتين الجارتين من حيث التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي فمستوى دخل الفرد قد لا يقارن على الاطلاق مع ما يعيشه المواطن اليمني والخليجي بشكل عام لاعتبار أن اليمن يقع في نفس المنطقة كما أن سلطنة عمان قد قطعت شوطا كبيرا في إرساء قاعدة صناعية وتوسيع الرقعة الزراعية وعملت لأن يكون قطاع النفط هو القطاع الثالث بعد الصناعة والزراعة بعد أن كان النفط هو المورد الاول في البلاد وبه تكون سلطنة عمان قد حققت نجاحا باهرا في قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التي تخضع لسيطرة الدولة وللقطاع الخاص العماني وبإلقاء نظرة سريعة على النشاط الصناعي المتواضع في بلادنا مقارنة مع الانشطة التجارية الأخرى من السلع والخدمات الواردة والقادمة الينا من خارج الحدود سواء أكانت هذه السلع قد دخلت إلينا عبر الطرق الرسمية أو عبر التهريب لوجدنا أن غالبية منتجاتنا الوطنية تتسم بالتخلف والقصور وتفتقد إلى الجودة والسعر المنافس وعدم تطورها ونجاحها غير أن هذا النجاح والتطور هو من مهام الدولة والقطاع الخاص في المقام الأول الذي ينبغي أن يقوم بهما وليس من مهام وواجبات الأفراد وحدهم لينهضوا به وصحيح أن المواطنة الصالحة تفرض علينا في أن نقوم بتفضيل المنتجات الوطنية الجيدة من خلال اقتنائها وتفضيلها عن بقية السلع المستوردة القادمة الينا من الخارج لاعتبار أن غالبية هذه السلع هي مغشوشة ومهربة ومقلدة وإما أن تكون منتهية أو هي قريبة الانتهاء تضر أولا وأخيرا بصحة الإنسان وبمصلحة الوطن الاقتصادية ….فالمواطنة الحقة وديننا ايضا يفرضان على المستورد في أن يقوم باستيراد سلع صالحة لأبناء مجتمعه واستثمار جزء من امواله في الانتاج المحلي الصناعي أو الزراعي ولكن بجودة واسعار منافسة محليا وخارجيا واقتناعه بهامش ربح معقول وإبراز مواصفات السلعة التي ينتجها للمستهلك, وهنا يأتي دور الدولة بإعادة النظر في دور القطاع الخاص الإنتاجي ومساعدته في عملية النهوض من جديد بتوسيع نشاطاته وتوقع إنتاجه حتى يتمكن من المنافسة الخارجية والمحلية, إلى اعادة النظر في التشريعات والقوانين المحلية التي يمكن أن تدفع بالمنتجين اليمنيين والأجانب في البلد نحو الاستثمارات في انتاج سلع يمنية مختلفة نوعية يكتب عليها صنع في اليمن’ وهذه الخطوات لن تأتي إلا من خلال تخلى الدولة عن فكرة الاستحواذ على كل شيء لتفسح المجال للقطاع الخاص ليشارك عمليا في المشاريع التنموية وزيادة المساحة الانتاجية خصوصا لقطاع المعادن والصناعة والزراعة واستمرار الشراكة والحوار والتواصل , وتعاون الحكومة مع المنتجين والمستوردين ورجال المال والاعمال ورغم أن القطاع الخاص اليمني حتى اللحظة لم يلق الرعاية والدعم ولاهتمام الكافي المنصوص عليه في برامج وأدبيات الحكومة وفي فن الاصغاء لمطالب القطاع الخاص وتشجيعه والارتقاء به حتى يتسنى له من إيجاد خبرات محلية ودولية وموارد طبيعية ومالية متنوعة وهذا بدوره سوف يوفر للبلد العملات الأجنبية الصعبة بدلا من اعتماد اليمن على الديون والتمويلات الخارجية أو اعتمادها على مورد واحد كالنفط وهناك تحديات كبيرة تعيشها البلد تتمثل في قضايا الإدارة الاقتصادية لموارد الدولة المختلفة إلى قضية الامن والاستقرار وغياب العدالة التي لا تزال حتى اللحظة تلقي بظلالها السوداء على كل اليمنيين رغم أن الحلول موجودة وممكنة والمطلوب فقط هو إيجاد النظام والقانون حتى يشعر المواطن أن هناك أمنا ودولة وقانونا يطبق على الجميع .