كشف للتآمر ودعوة للاصطفاف
كتب/المحرر السياسي

بكل صدق ومسؤولية أوضح فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي في خطابه الذي ألقاه في حفل الثلاثاء الماضي حجم وطبيعة التحديات والمخاطر التي تهدد أمن واستقرار الوطن خصوصا في ما يتعلق بتنظيم”القاعدة” الإرهابي الذي يسعى عناصره الإجراميون لتحويل اليمن إلى ملاذ جغرافي آمن لوجودهم المخيف وحاضن دولي لشرورهم العابرة للقارات ومخططاتهم التي باتت تؤرق المجتمع الدولي وتهدد سلامة الإنسانية جمعاء.
خطاب الرئيس تضمن قدرا كبيرا من المكاشفة بحقائق الأمور على أكثر من صعيد وفي صدارتها التأكيد على ضرورة الاصطفاف الوطني في وجه انفلات الأمن وتنامي خطر الإرهاب لما يمثله ذلك من أهمية قصوى للدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام ولإعادة ثقة المستثمرين الأجانب في البلاد ومؤسساتها الأمنية وفي سياق ما يعنيه كل ذلك من توفير الظروف الموضوعية اللازمة للمضي في إنجاز ما تبقى من خطوات العملية الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ولهذا فإن ما كشفه الرئيس هادي للشعب في هذا الخطاب ليس كلاما يقال لتضخيم التحديات التي تتربص بالبلاد وإنما هو طرح واقعي مسؤول ينبني على حقائق دامغة ومعلومات أكيدة ومؤشرات تعكس في مجملها حجم الخطر المحدق بالوطن في ظل المخططات التآمرية التي تريد أن ترمي بداء الإرهاب الدولي في المربع اليمني لتتجنب هي مواجهته وتنجو من الاكتواء بناره التي وصل حريقها يمنيا إلى كل بيت.
وليس بعيدا عن هذا السياق ما كانت أعلنته أخيرا بعض فروع تنظيم”القاعدة” في بعض البلدان العربية عن نيتها توسيع أنشطتها الإجرامية لتشمل اليمن وما صاحب ذلك من بدء محاولات لتصدير المئات من المسلحين متعددي الجنسيات متسللين إلى البلاد عبر البحر والبر لينضموا إلى عناصر التنظيم المنتشرين في بعض المحافظات.
وإضافة إلى ما أثبتته النسبة الكبيرة في أعداد القتلى الأجانب تحت ضربات قوات الجيش والأمن أخيرا في محافظتي أبين وشبوة من دلائل واضحة على وجود هذه المخططات التآمرية فلا شك أن مثل هذه السيناريوهات المخيفة تستدعي تكاتفا حقيقيا وصادقا من كل القوى السياسية والاجتماعية ومن كل الفئات على الساحة الوطنية اليمنية حيث بات جليا للجميع أن هذه العناصر الإرهابية لم ترع ولن ترعى لليمنيين إلا ولا ذمة جنودا كانوا أو مواطنين أو نساء أو أطفالا.
وهذا يعني ضرورة الوقوف بصدق إلى جانب فخامة رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية لاستئصال شأفة هذا الشر الماحق من على الأرض اليمنية ليولي إلى غير رجعة فضلا عن ضرورة استشعار كل الأطراف للمصلحة الوطنية العليا وتقدير حساسية الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد خاصة وهي تتوق إلى تحقيق أوسع عملية انتقال سياسي بهدف التأسيس لصفحة جديدة من تاريخ الدولة الوطنية.
ولا خلاف أن تحقيق الأمن قرين بتحقيق التنمية ووجود الاستقرار السياسي لصيق بوجود الاستقرار الاقتصادي وعملية الوصول إلى كل ذلك تحتاج إخلاص كل القوى أحزابا وأفرادا وجماعات ومكونات اجتماعية وبدرجة رئيسية إخلاص الأطراف الشريكة في العملية الانتقالية والحوار الوطني باعتبارها تواجه اختبارا أخلاقيا أمام التاريخ الوطني والذاكرة الإنسانية ولا خيار للجميع أمامه إلا النجاح.
وإذا كان من نافل القول التذكير أن كافة الأطراف السياسية تبحر اليوم في مركب واحد ولابد أن يصل سالما إلى بر الأمان فمن المهم الاعتراف بأنها مهمة شاقة ولا يمكن أن تتكلل بالنجاح دون وجود إرادة وطنية جامعة تدرك يقينا أن النجاح أو الفشل منوطان بدرجة أساس بمدى ما تقدمه كافة أطياف الشعب من تضحيات وتنازلات بعيدا عن ضبط ردود الفعل وفقا لما يلوح من جزرة المجتمع الدولي أو عصاه.