راشد
حسين محمد ناصر

راشد محمد ثابت.. الفدائي العنيد والإعلامي المتميز والمثقف والمناضل الجسور الذي لم يعطه أحد حقه بعد.
رجل الاتزان والمواقف الشجاعة التي لا يتردد عن إعلانها مهما كانت النتائج ومهما كان الضرر الذي قد يلحق به جرائها.
عندما غيب رفاقه أسماء مناضلة بذلت شبابها وحياتها عن أجل انتصار ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر وبنت بعرقها ودمها الدولة الوليدة في عدن كان هو يصدح ويعدد مناقب تلك القيادات رغم عضويته في اللجنة المركزية للحزب وتقلده المناصب الكبيرة في دولة الجنوب جهر بشهادته التاريخية بحق المناضل الشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي ثم بحق المناضل عبدالله الأصنج وهو الذي وقف بالضد من مواقفه في سياق حركة التحرير والنضال المسلح في إطار ما كانت سائدة من مبادئ حزبية وتنظيمية. وعندما اتضحت الكثير من الرؤى لم يصمت بل أدلى بآرائه التي اعطت للأصنج حقه بنظرة جديدة غير مألوفة. ولما تكالبت العداوة والأحقاد على الشهيد الرئيس سالم ربيع علي وأدت نتائجها إلى استشهاده في 25 يونيو 1978م كان الرجل مصدوما بما آلت إليه تلك الأحداث التي أطاحت بسالمين وقد عبر عن مخاوفه لعدد من زملائه متنبئا بصراعات جديدة في إطار التنظيم والحزب ومع مرور الوقت صدقت تلك التوقعات وتجسدت في عدد من الأحداث المؤسفة.
راشد لم يخف تلك المخاوف ولكنه ترجمها بقوله للشهيد عبدالفتاح إسماعيل (أنا خائف عليك برحيل سالمين أنت انتهيت وخائف على التجربة).
لقد وعى خطورة ذلك الانقلاب وأحس أنه سيقضي على ثقة الجماهير بالتنظيم وكل رموزه المتبقية كما كان صادقا وهو يتحدث مع فتاح ناصحا إياه بعدم قبول تسلم رئاسة الدولة آنذاك لأن الفراغ الذي سيتركه سالمين كان كبيرا لا يستطيع ملأه أحد وذلك- كما قال- لتنامي النزعة القبلية في أذهان من أقدموا على اغتيال سالمين وانفتاح شهيتهم للزعامة واحتلال المناصب القيادية وتفريغ الرغبات التي كبها وجوده!!
لقد تمعن الأستاذ راشد محمد ثابت في فصول وأحداث التجربة الجنوبية ودرس وحلل الكثير من تفاصيلها ووصل إلى استنتاجات واقعية لم يكن من السهل والبساطة والإمكان الوقوف عليها في فترة ماضية وخلص إلى رؤى من المهم جدا مناقشتها طويلا والخروج بأفكار وخلاصات علمية تلامس ما حدث بالأمس وتصل إلى نهاية حوارات تصنع الحروف على الكلمات بشكل واقعي وأمين وصادق لا تجذبه أو تؤثر عليه الأطروحات النظرية التبريرية للأحداث التي عادة ما تعرضها الجبهة المنتصرة في الصراعات السابقة ورمي الاتهامات الزائفة في وجوه الخصوم وخاصة بعد الإجهاز عليهم وإبهات صوت من عاش أو إسكاته طوال فترة وجودها.
تحدث المناضل راشد في كثير من اللقاءات والمقابلات الصحفية وكذلك التلفزيونية عن بدايات الحركة القومية في اليمن ومراحل تطور الثورة في الجنوب والثورة في الشمال والصراعات التي دارت بين الشطرين حينا وبين الأطراف القيادية في كل شطر وأبرز العديد من الجوانب النضالية الخالدة للثوار والعمليات الفدائية الجريئة والشجاعة المنفذة ضد الاستعمار البريطاني في عدن وحدد أسماء بارزة كان لها دور فعال في قيادة الكفاح المسلح كما تطرق الى تفاصيل سير وتطور حركة جماهير الشعب اليمني ضد الإمامة والاحتلال وملاحم مضيئة صنعها شهداء الشعب والوطن ومعاناة العديد من المناضلين في السجون وألوان التعذيب الذي استخدم تجاههم.
لقد استفدنا كثيرا من قراءة وشهادة الأخ المناضل راشد للأحداث الماضية وخاصة شهادته الصادقة بحث المناضل الشهيد سالم ربيع علي ولسوف نجعل منها دليلا في الكتاب الذي سيصدر عن الشهيد يوضح ويؤكد ما كان يمثله سالمين هي ثقل في التجربة الماضية وكيف استطاع ان يبني دولة ونظاما فشل من جاء بعده في المحافظة عليه فكان إن ذهب إلى ذاكرة التاريخ
بينما ذهب الآخرون دون ذكرى أو تاريخ!!
وفي الأخير نقول: لقد حان الوقت لإنصاف راشد!!