سيرة التطورات في الانبهار والدهشة

ريــــا أحمــد

أن الحديث عن زيد مطيع دماج هو الحديث بلا شك عن (الرهينة)الرواية التي اذهلت وما تزال القراء والمثقفون والمهتمون بالأدب على مستوى العالم.
على المستوى الشخصي فالحديث عن زيد مطيع دماج هو الحديث عن سفير الرواية اليمنيةفهو الروائي الذي عرف بجانب محمد عبد الولي وباكثير بالرواية اليمنية عربيا وعالميا كما عرف بالشعر اليمني عالميا أديب اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح وشاعر اليمن الكبير الأستاذ الرحل عبد الله البردونيوجاء تعريف هؤلاء بالأدب اليمني في وقت لم يكن الأمر سهلا فلا شبكة اللإنترنت ولا ثورة اتصالات جعلت الصعب سهلا.
فبعد رائعته “الرهينة “التي رسم على صفحاتها حقبة زمنية من أهم محطات التاريخ اليمني بأسلوب روائي لم يتكرر حتى الآنجاء بـ “الانبهار والدهشة “حيث يتخذ قلمه شاكلة الريشة الرقيقة تارة ورشاقة القلم تارة أخرى في كتابه الذي جاء بصورة مذكرات تتنازعها الأماكن وتتنقلها السنوات ..
“*وإذا اصطلحنا على أن هذا النوع من الكتابة أشبه بالمذكرات أو السيرة الذاتيةفإننا لا بد أن ندرك الكيفية التي استطاع بها زيد أن يحولها من مذكرات ذاتية تعرض لنا مرحلة من حياته المبكرة إلى مذكرات عامة ومن سيرة شخصية إلى سيرة التطورات التي لحقت بالبلاد ابتداء من مغادرته القرية إلى “تعز” ووقوفا عند المناظر المؤذية للقلب والضمير كما رصدها في عودته الأولى إلى البلاد بعد أن أمضى سنوات في مصر طالبا في المرحلتين الإعدادية والثانوية ورأى الفارق العظيم بين شعوب تعيش عصرها وشعوب مكرهة على أن تعيش في عصور بائدة أسدل الزمان عليها ستائر النسيان”.-كما جاء غي مقدمة الكتاب للدكتور المقالح-
تعمد الكاتب تجزئه الكتاب إلى فصلين “كتاب تعز ” و “كتاب القاهرة ” ليبين لنا مدى الانبهار والدهشة التي التصقت بشخصية “الصبي زيد ” الذي وفد من الريف ليدهش بما لم يجل بخاطره فتبهره تعز بمعالمها الرائعة وأحيائها الجميلة ..وتدهشه القاهرة بنبض حي لم يجده في معشوقته تعز التي “لم يخلق مثلها في البلاد “.. و ليوضح للقارئ مدى الظلم الذي عانى منه “يمننا الحبيب ” .. وبعد الانبهار تكون الدهشة من “القاهرة “من الحياة السائدة هناك ..من الأفكار المتداولة ..والأماكن المبهرة ..والتقدم العلمي الذي أخافه في البداية ..
ولنبدأ بكتاب تعز: (لم تعش في ذاكرتي أي مدينة كمدينة تعز هذه المدينة الرائعة بمآثرها العظيمة التي “لم يخلق مثلها في البلاد “عامرة بمدارسها ومساجدها وقبابها وأوليائها الصالحين كانت مركزا لملوك وسلاطين ومصلحين عظماء على مر التاريخ .ولم تخمد شعلتها وتنطفئ إلا بعد ما تسلمها الإمام يحيى وبنوه من الأتراك في بداية القرن العشرين .
تعج أسواقها بالناس والمزارعين القادمين من القرى والهابطين من “صبر ” جعلها الإمام أحمد عاصمة لمملكته بعد أن أباح صنعاء للنهب عقب فشل ثورة 1948 رابضة تحت قبة الوباء والمرض والفقر سمة تلك المرحلة .ولأنني كنت صبيا قادما من الريف دخل فضاء أوسع وأكبر من قريته كان لابد أن أدهش بانبهار لأشياء لم تخطر على بالي .
فهناك يجلس الساحر علي خالد يستظل تحت شجرة الطولقة العملاقة وها هو معاوية المجنون يصيح بأعلى صوته “جبل داكي على جبل žžžžž”ž ! يجتاز المقهى الوحيد المكتظ بالدراولة (السائقين) المحيطين (بالرصابي) يواسونه ويقدمون له حلولا لشاحنته المعطلة .وفي وسط الإعدام “العرضي” يقف الوشاح -سياف الإمام- بسيفه الذي يهوي به على رقاب الأحرار ..وفي الأعلى تقع قلعة القاهرة تطل بسورها الضخم على المدينة وعلى الجبال والقرى الحزينة وعلى سطحها تتمرجح أرجل (الرهائن) بينما ترنو أعينهم الصغيرة إلى البعيد كل يبحث عن قريته البعيدة تعز.
مدينة أسطورية عششت كحمامة وديعة في خيالي منذ الطفولة والصبا تبيض فيه روايات و قصصا لا تنضب حتى اليوم ).
هكذا جاءت مقدمة الكاتب التي جعل فيها تعز لوحة فنية تفنن في رسمها ..تمهيدا لحكايات وقصص لم يمحها الزمن ..ولم تحرفها الأيام ..كانت عامرة في مخيلة كاتبنا الكبير إلى ساعاته الأخيرة..
الحديث عن تعز لا ينتهي ..والحديث عن الذكريات لا يمل ..وسرد التاريخ بأسلوب سلس ..لبق .. بعيد عن المادة الأكاديمية شيق .. وكتاب تعز الذي بدأ بـ “سور تعز ” وانتهى بالحديث عن “الساحر علي خالد ” ينقل القارئ من الحاضر إلى ماض جذاب رغم حزنه ..وأنيق رغم غباره .. وثري رغم فقره ..
قسم “كتاب تعز “إلى فقرات معنونة تتحدث عن معالم تاريخية مثل “سور تعز مدرسة (أو جامع) الأشرفيه قلعة القاهرة وغيرها..” .
تتحدث تلك الفقرات عن المعالم التاريخية التي عنونت بها كما يسرد فيها الكاتب بعض ذكرياته حيث يتناولها بأسلوب بسيط خال من التعقيد وهو ما يتناسب مع نوع الكتاب ..
ذكر الكاتب بعض الشخصيات التي عاص

قد يعجبك ايضا