بطل هذا الزمان !
يكتبها : خالد الرويشان

■ كان التصفيق يرج الملعب الضخم في مدينة روما العاصمة الإيطالية في أحد صباحات بطولة العالم لألعاب القوى للناشئين2009م . وكان الفتى اليمني المشارك ذو الخمسة عشرعاما نبيل الجöربي مرتبكا لايعرف كيف يرد التحية . فهذه أول مشاركة دولية له ! مöنú معúبرú إلى روما ! ثم إن المركز الرابع في تصفيات البطولة لايستحق كل هذا التصفيق ! لكنه أدرك بسرعة سöر الإعجاب والتصفيق عندما أحاط به الأبطال المشاركون يحيونه مبتسمين ويتأملون أقدامه الحافية مبهورين ! . . لقد شارك وتفوق حافيا بلا حذاء رياضي في سباق 3000 متر !
كانت لحظة لا تنسى ! حاول الفتى الحزين خلالها أن يرد التحية وأن يبتسم ! واستطاع بعد مغالبة قاهرة أن يبتسم بالفعل . امتلأت عيناه بالدموع . . كان يريد أن يصرخ : شكرا لكم . . هل تعرفون أنني لا أمتلك حذاء رياضيا بالأساس ! شكرا لتشجيعكم وتصفيقكم . . أريد فقط أن تراني بلادي وأن تصفق لي أيضا ! هل تراني الآن ! كان الفتى يتساءل متلفتا ملتاعا !
عاد الفتى إلى وطنه مزهوا بأكاليل الإعجاب وكانت الصدمة الأولى فوúر وصوله إلى مدينته معúبرú . فمدينته الحبييبة لمú تستقبله كما تخيل ولمú تلúقه كما تصور . كانت كالعادة متلفعة بالغبار مثقلة بالظلام . لكن عزائم البطل لاتفل وهöماته لا تكل ! فمع إشراقة اليوم التالي كان قد ذرع قاع جهران بعزم عجيب وتصميم غريب كأنه أمير صعاليك العرب عرúوة بن الورد !
كان الفتى يؤوب إلى بيته دامي الأقدام مجرح الأرúجل . . ما أعúند شوك قاع جهران وما أكثر حصاه وجنادله ! كان ثمة هاتف رائع في داخله . . كانت روما ! كانت أصوات الأكف تملأ روحه وترجف في رأسه متماهية بدقات قلبه ! وهو الذي لم يمتلك يوما ساعة رياضية للجري ! كان قلبه باستمرار هو الساعة ! ودقاته ثوان محسوبة دقيقة..
يصبح الفتى بطلا للجمهورية 2007_2013م وما يزال ! ويحرöز المراكز الأول في عمان والخرطوم ومسقط وكوريا ويحصد ميدالياتها . . لكن هنيهات روما تظل في روحه حنينا مشتعلا لا ينطفئ . . وتوقا لذيذا لا ينسى !
في قلب الفتى غصة . لقد صفق له العالم ولمú تصفق له بلاده ! البلاد التي أدúمنتö التصفيق لهوام الكائنات وزواحف الساسة المسوسين لا تصفق لأبطالها ! ربما لأنها لا تعرفهم ! لذلك , يكتئب الأبطال , وينكسر الشعراء , ويموت الفنانون !
يتأمل البطل ميدالياته . . يضحك عندما يمسöك نفسه متلبسا بفكرةö بيعها ! ولكنú منú يشتري ¿! العزم الذي طوى قاع جهران انطوى ! .. والهمة التي طالت الذرى همتú . . وهمدت ! رغم انه لم يتجاوز الواحدة والعشرين من عمره !
هل تلاشى كل شيء ! شيء واحد تبقى . . في أغوار الروح ثمة أكف تبرق وتصطفöق بين الجوانح . . صيحات روما ماتزال تدوي بين الحنايا . . العيون المحبة تلك ! هل أراها ثانية .. هل كان حلما ! يتساءل البطل وسط غبارö معúبرú وقيامتها الدائمة .
تجوب عيناك معúبرú . . تبحث عن البطل وسط أكوام الطماطم وآكام البطاطس . . معúبرú سلة غذاءö اليمن تختنق بالغبار والفوضى والوحúل المعتق !
أين هو البطل يافتيان المدينة !¿ لمú يسمعú بهö أحد ! في معúبرú لا يسمع أحد أحدا ! مöنú أهوال الضجيج ولعúلعةö الرصاص وأبواق السيارات وفوضى الدراجات .
في سوق القات وعلى الرصيف . . تلمح شابا شديد النحول مثل عودö كبريت مشتعل ! كان قابعا في الزاوية لا يكاد يرفع رأسه فهو منهمك في بيع القات ! . . إنه هو ! البطل ! بطل الجمهورية ! . . ساحر روما ومسحورها . . نبيل الجöربي !