اليمن: هجرة المجتمع العلمي
أحمد سعيد شماخ
أحمد سعيد شماخ –
حرمان تنمية الإنسان اليمني وعدم تمكينه من رؤية العالم كنظراته من مختلف الأجناس البشرية وتعرضه وأسرته لنتائج ممارسات الاخطاء وحرمانه من التعويض عن ثمن المعرفة والتي على ضوئه أن انقطعت سبل اتصال كثير من اليمنيين مع المجتمعات الواسعة الأخرى وهذا يدل على فشل السياسات التعليمية وإلى إحباط وانعزال الجامعات اليمنية عن محيطها الاجتماعي وعلى إثر هذا المناخ تولد لدى كثير من الشباب اليمني بطالة علمية مقنعه وظالمة والذي على إثرها أن أدى هذا الأمر إلى فتح باب الهجرة على مصراعيه لهجرة أفضل الادمغة والكفاءات اليمنية ونزيفها خصوصا في ظل غياب السياسات الوطنية المؤدية إلى عملية البحث والتطوير العلمي وغياب البرامج التعليمية الواضحة على مستوى الجامعات الوطنية والذي طغت فيه سياسات توطيد الدراسات العليا في الداخل بدلا من الخارج بحجة ترشيد النفقات وشحة الموارد……….الخ.
كما أن قضية عدم ارتباط التعليم بالتنمية في هذه البلد قد افشل النظام التعليمي من الاندماج مع التنمية وظلت الهوة كبيرة بينهما…ومن الملاحظ اليوم أن ظاهرة نزيف العقول وهجرة الكفاءات العلمية والفنية العالية إلى خارج وطنها الأم وهجرتها إلى بلدان تهتم وتربط قضية التعليم في التنمية الوطنية وهذا أمر سوف يدفعنا بالطبع إلى القول أن التعليم القائم في اليمن قد فتح الشهية أمام الكثيرين من ابنائه لزيادة معدلات الاستهلاك لدى الافراد وإلى التركيز على الحاجات والتطلعات الفردية أكثر منها في مواجهة التحديات الوطنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
فالسؤال الذي يمكن أن يطرح اليوم وبقوة هو هل أن المناخ التعليمي القائم ومناهجه الذي يتكون ويتشكل أبناؤنا من مخرجاته اليوم مشجعة لعناصر الاغتراب¿ وهل تزداد عناصر الهجرة مع زيادة تعرض المتعلم لمؤشرات التعليم¿ وهل كل مناهجنا التعليمية القائمة بما تتضمنه من عناصر يمثل اعدادا لهذا الانسان بحيث يصبح أكثر فهما وتكيفا مع بقية المجتمعات الأخرى ومعارفها المتقدمة¿ .
غير أن النظام التعليمي القائم في اليمن وفقا لما اعتقده هو نظام تعليمي تبعي عاجز عن التقدم والتطور لا يتواكب مع متطلبات حياتنا المعاصرة لاعتبار أن هذا التعليم يعتمد على محاكات الخارج في استيراد النماذج الجاهزة من الخارج بشكل مشوه لذا يمكنني القول أن السياسات القائمة في اليمن بمختلف توجهاتها واتجاهاتها هي سياسات تقاوم محاولة التغيير في اليمن والتي تحاول بعض النخب الاجتماعية بقاءها من أجل بقاء مصالحها وقد قدم كثير من المخترعين والباحثين اليمنيين المهاجرين مخترعات وبحوثا مهمة في البلدان التي تستقبلهم غير أن هذه الاختراعات والابحاث تصب في مصلحة وخدمة البلدان المستقبلة لهم والتي على ضوئها تم تكريمهم ومنحهم جنسيات تلك البلدان والتي على ضوئها قد شجع كثير من العلماء والباحثين من ابنائنا إلى الهجرة وبشكل موجات متلاحقة ومستمرة بهجرة المجتمع العلمي من اليمن إلى الخارج خصوصا بعد أن أصابهم عوامل الإحباط واليأس والضغط النفسي نتيجة تهميشهم وتجاهلهم في بلدهم إلى قرارهم الأخير إلى الهجرة إلى حيث البلدان التي تحترم آدمية الإنسان ليجدوا مكانا وحياة أفضل للعيش الكريم لهم ولأفراد أسرهم ودون شك في أن الواقع الذي يعيشه الإنسان اليمني لا يتناسب مطلقا مع التاريخ الحضاري العريق لليمنيين ولا مع عظمة وعبقرية المكان الذي حبانا الله به ….وعلى كل حال فإن قضية اليمنيين الكبرى منذ الازل هو هجرة واستنزاف عقول أبنائها خارج بلدهم وانفصالهم جزئيا أو كليا عن وطنهم فهروب وهجرة العقول والأدمغة اليمنية إلى الخارج باختيارها وجهات مختلفة من العالم اليوم قد يختلف عما كان عليه في السابق من حيث النوعية المطلوبة من المهاجرين .. فعلى سبيل المثال تمخض عن الثورة التكنولوجيا في العالم الحاجة إلى مهاجرين جدد من مختلف انحاء العالم يجيدون التعامل مع التكنولوجيا وجميع التقانات الحديثة وهذا يحتاج إلى مهاجرين يجيدون التعامل مع هذه التكنولوجيا والتقانات أيضا مثل برمجة وتحليل الانظمة ومصممي صفحات الانترنت إلى غير ذلك… فالعمالة غير المؤهلة علميا وعمليا الوافدة إلى أي بلد في العالم ينبغي أن تعتمد التطور التكنولوجي والتقانات الحديثة وغير ذلك من العمالة ليس لها مكان اليوم إلا في مجال الاعمال التي تعتمد على المجهود العضلي وفي مجال أعمال النظافة والعمالة المنزلية وفي مجال رعاية كبار السن بحكم الرفاه الاجتماعي الذي أدى إلى ارتفاع متوسط العمر سواء في الدول الاوروبية أو في بعض دول آسيا وأميركا أو في الدول المحيطة باليمن