تشهد أفغانستان اليوم إجراء انتخابات رئاسية تجري في ظروف عملية سياسية مضطربة وأوضاع داخلية غير مستقرة ناهيك عن تزايد معدلات أعمال العنف في أنحاء متفرقة من أفغانستان خاصة في العاصمة كابول.
فمنذ بدء الحملة الانتخابية سقط عشرات الضحايا على خلفية أعمال متبادلة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية حتى أن اللجنة التي تشرف وتنظم تلك العملية لم تسلم من هجمات المسلحين وهو ما يظهر أن المناخ السياسي في أفغانستان يكاد يكون منعدما بدرجة أساسية ما يجعل من الانتخابات الرئاسية عملية شكلية وإن كان الطابع المعلن عنها بأنها تجري تحت تحضيرات هيئة وطنية مستقلة وفقا لإعلان الحكومة الرسمية.
وقد سبق وأن أعلنت القوات الدولية من جانبها ممثلة بحلف الناتو في أفغانستان أنها في حال فشل القوات المحلية ستعمل على حماية الانتخابات التي تبدو في كل التقديرات السياسية تحقيق المزيد من التدخلات الخارجية في الشؤون الأفغانية وتعميق الصراعات السياسية داخل ذلك البلد الذي يتعرض لحالة انهيار سياسي جراء ضعف الدولة المركزية وانتشار المليشيات المسلحة مع إغفال رفض حركة طالبان المشاركة في الانتخابات التي توعدت من جانبها بإفشالها..
وهو ما يعني عدم واقعية الانتخابات الرئاسية الأفغانية لانتفاء وجود وفاق داخلي إزاء استبداله بوفاق دولي ولا يمكن لضمان نجاح تلك الانتخابات أن يكون الوفاق من الأعلى الدولي بالنظر لإعلان القوات الدولية تكفلها بحماية الانتخابات الرئاسية ما يعني وجود صراعات عميقة داخل أفغانستان برغم أن القوات الدولية المستفيدة من تلك العملية في تحقيق تسويات لصالح تلك القوى قدمت أكثر من 130 مليون دولار من أجل إيجاد بيئة سياسية يتم تطويعها بشكل متناسق ومنسجم مع مصالح القوى الغربية.
الأمر الذي قد ينعكس سلبا ويجعل من الانتخابات الرئاسية تحقيق المزيد من الاختلالات الأمنية وإنعاش الصراعات الداخلية جراء غياب الحكومة الوطنية المقتدرة والقادرة وعلى ضبط الأوضاع السياسة والاقتصادية وإن كان الإعلام الدولي قد أقام الدنيا ولم يقعدها مشيدا بأهمية الانتخابات الرئاسية فإن حقائق الواقع السياسي الداخلي خلافا لذلك على اعتبار أن ما يجري ترديده بخصوص انبثاق ديمقراطية جديدة في أفغانستان يتناقض مع حقائق الواقع لأن الصراعات بين زعماء المليشيات المسلحة وأمراء الحروب تحكم التركيبة القبلية في هذا البلد حتى أن السلطات القائمة في كابول استأجرت 3200 من البغال والحمير لنقل صناديق الاقتراع إلى بعض المناطق النائية وهو ما يؤكد حقيقة الديمقراطية الجديدة التي لا تجري بدعم دولي وبإشراف مباشر على العملية الانتخابية فحسب وإنما خصصت قوات الناتو لحماية تلك الانتخابات وهو ما يعني بالتأكيد عسكرة العملية السياسية بطابع دولي محض كونها عقب إعلان نتائجها بالنظر إلى مؤشراتها الراهنة ستعمق الاضطرابات السياسية والصراعات الداخلية وتباعد بين الحلول الوطنية المفترضة لإخراج أفغانستان من أزمتها الراهنة.
Prev Post
Next Post