الترجمة أمانة وفن وإبداع
حوار/ محمد السيد

> عندما أترجم أجد نفسي أشبه بفنان ينحت تمثالا يتضمن أدق التفاصيل
توصف الترجمة بأنها رحلة ممتعة تغوص في مكنونات العقل والروح وهناك من يعتبرها فن وإبداع..لها ميادينها ولها فرسانها أيضا. أما ضيفنا في هذا الحوار فيرى فيها كنز معرفي يجب الالتفات اليه وإزاحة التراب عن بريقه كونه اكتشاف للآخر وطريق لإيصال ثقافتنا له. يجمع الكتاب والباحثون على أن الترجمة تعتبر فنا مستقلا بذاته يعتمد على الإبداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات.الدكتور محمد نائف الأستاذ المحاضر بجامعة صنعاء خاض غمار الترجمة الأكاديمية والأدبية وو وهنا كان نائف شاسعا كغيمة لا تكل من الترحال. يمطر طلابه في الجامعة من المعرفة حريصا على خوض كل تجربه جديدة في مجال طالما عشقه كهواية ومهنة. وهو تميز جعله يحظى بثقة مشروع « كلمة» التابع لهيئة ابوظبي للثقافة والتراث الذي أوكل اليه مهمة ترجمة كتاب «سينما ساتياجيت راي» الذي يعد أول دراسة شاملة لكاتب هندي عن المخرج السينمائي البنغالي متعدد المواهب ساتياجيت راي .في هذا الحوار يستعرض الدكتور الأكاديمي محمد نائف أول تجربة له في ترجمة الكتاب الأدبي. مؤكدا بأن الترجمة تحتاج إلى طاقة إبداعية عالية. ويقول» عندما أترجم نصا أجد نفسي أشبه بفنان ينحت تمثال ويحرص أن يتضمن أدق التفاصيل». حوار ممتع اقتحمنا من خلاله العالم المفضل للدكتور نائف الذي وجدناه يطلق نداء لوقف الفوضى التي عكرت جمال هذا العالم بسبب» المتسلقين ودخلاء المهنة».تنقلنا في محطات كثيرة وخرجنا ببعض تفاصيل من غيمة الكاتب محمد نائف.
ثلاثة أشهر
كم استغرقت من الوقت في ترجمة كتاب “سينما ساتياجيت راي”¿
تقريبا ثلاثة أشهر. كان العقد الذي وقعته مع مشروع “كلمة” للترجمة ينص على إكمال ترجمة الكتاب خلال شهرين واضطررت أن أطلب تمديدا لمدة شهر ثالث لأني كنت أعمل مديرا للبرامج في المعهد اليمني-الأمريكي (يالي) في العام 2009 و 2010 وأقوم بالترجمة في أوقات الفراغ. بمعنى آخر لم أكن متفرغ للقيام بالترجمة حينها فقط.
التجربة الأولى
هل تعد هذه أول تجربة لك في مجال ترجمة الكتب الأدبية ¿
نعم كانت التجربة الأولى من حيث ترجمة الأعمال الأدبية لكني أعمل في الترجمة من عام 1995 حين كنت أعمل في السفارة البريطانية وترجمت وثائق للبنك الدولي لمدة عام وأيضا لمكتب الأمم المتحدة الإنمائي في صنعاء عن طريق مؤسسة لأحد الزملاء تقدم خدمات الترجمة وفوق هذا وذاك أدرس الترجمة في كلية اللغات بجامعة صنعاء منذ 1998.
أجتهدت قدر المستطاع
نتطلع إلى إعطاءنا نبذة موجزة عن الكتاب وتقييمك لهذه التجربة¿
يعد هذا الكتاب أول دراسة شاملة لكاتب هندي عن المخرج السينمائي البنغالي الفريد ومتعدد المواهب ساتياجيت راي ويقدم تفاصيل عن أفلامه التي قدمها عبر مسيرته المهنية التي امتدت أربعة عقود وتوجت بحصوله على الأوسكار عن جميع أعماله السينمائية. ويتناول الكتاب أفلام ساتياجيت راي بدءا من فيلمه الأول والشهير «أغنية الطريق» وصولا إلى فيلمه الأخير «أجانتوك» بتفصيل نقدي تدعمه معرفة المؤلف اللصيقة بالمخرج وبأعماله واطلاعه على المصادر الأجنبية المختلفة التي تناولته. ويركز الكتاب على المصادر الأدبية التي اعتمدت عليها أفلام راي ومدى تأثير معرفته بالثقافة والموسيقى الغربية على ثقافته الهندية وفنه وعقليته. وعلى الرغم من أن عنوان الكتاب هو سينما ساتياجيت راي إلا أنه ومن خلال أفلام راي يؤرخ لأكثر من مئة وخمسين عاما من تاريخ الهند في الفلسفة والدين والسياسة والفن والثقافة والخصائص الاجتماعية. إذا لك أن تتخيل المصاعب التي يمكن أن تواجهك كمترجم في ترجمة كتاب من هذا النوع فهو يحفل بالعديد من المواضيع الفلسفية والدينية والفنية والثقافية والاجتماعية التي ينبغي أن تلم بها من خلال الاطلاع على مصادر أخرى غير الكتاب الذي تقوم بترجمته حتى تستطيع أن تنقلها بأكبر دقة ممكنة إلى القارئ العربي. اجتهدت قدر المستطاع وحاولت أن أبحث وأقرأ عن المواضيع التي لم أكن ملم بها بصورة جيدة.
الترجمة دقة وأمانة
هل أضافت لك هذه التجربة أي جديد لتجربتك في مجال الترجمة¿
نعم أضافت لي الكثير بكل تأكيد لأنها كانت التجربة الأولى لي في ترجمة كتاب يعد للنشر ولم أكن ملم بالمثالب والتحديات التي يمثلها مثل هذا النوع من الترجمة فتعلمت الكثير من هذه التجربة . بالإضافة إلى ذلك ترجمة الكتب تتطلب دقة وأمانة متناهية وبخاصة إذا كان الكتاب يعد للنشر. إذا لم تكن الترجمة دقيقة وأمينة وتعكس الأفكار التي يعبر عنها النص الأصلي قد لا يرى الكتاب النور ولا يصل إلى القراء المستهدفين فيذهب الجهد المبذول دون الاستفادة منه.
ا