نظرة سطحية لايران

جمال حسن


 - عند الاطلاع على تاريخ إيران الحديث فإنه يبدو معقدا ليس لصعوبة قراءته بل لتلك السهولة التي تجعلنا قادرين على اطلاق الأحكام. وذلك يتشابه كثيرا مع تاريخ بلد

عند الاطلاع على تاريخ إيران الحديث فإنه يبدو معقدا ليس لصعوبة قراءته بل لتلك السهولة التي تجعلنا قادرين على اطلاق الأحكام. وذلك يتشابه كثيرا مع تاريخ بلدان الشرق التي دخلت العصر بقدم غارقة في وحل الماضي العتيق. فالوقوف على منصة المعلق لا يشبه الجلوس في الملعب وهذا هو التاريخ ما نحكم به اليوم يظل ناقصا ويتسع الناقص كلما أردنا الاقتراب من الحقائق. إلا أن قراءة ما حدث يتبلور في بعض التطورات التي تكشف ما كان غارقا في ضجيج أرتجال الواقع المتسارع. فإيران سهلة لتداعي الاحكام إذ بعد قيام الثورة والتحول في وجه إيران السياسي بعد أن كانت في عهد الشاه شرطي امريكا في المنطقة ومنفتحة بعلاقات قوية مع اسرائيل احدثت الثورة الاسلامية تحولا دراميكيا قربها من المنطقة وباعدها في نفس الوقت قربها جغرافيا وتاريخيا وباعدها راديكاليا وإن وجدت لها موطئا عميقا في هذا الخصام الراديكالي. قام الخميني بقطع العلاقات مع اسرائيل وتحولت طهران صوتا معارضا للامبريالية الأمريكية في لحظة انسحبت دولا مثل مصر من هذا الموقع. واتسم هذا الخطاب بمعطيات راديكالية اسلامية.
حينها كان قليلون يتوقعون أن الراديكالية الاسلامية ستنتشر في فراغ الايدلوجية الاشتراكية وبدرجة أقل التوقع أن المعسكر الاشتراكي في طريقه للاضمحلال. مع ذلك بعد عقدين ستضع الولايات المتحدة هذا الخطر الراديكالي هو العدوالأخطر بعد نهاية الحرب الباردة.
مع ذلك فإيران نوع من الوساوس الجاهزة للاشتغال سواء بثورتها أو راديكاليتها أو سياستها في المنطقة المثيرة للجدل. فالتسرع يقودنا لإلقاء احكام إما متعاطفة أو معادية. فهناك اسئلة لماذا لم يكن تدخل الولايات المتحدة حاسما لحماية الشاه كيف تغاضى الغرب عن بقاء الخميني في أراضيه خصوصا وأن إيران تشكل مصالح غربية استراتيجية باعتبارها تمتلك ثالث أكبر احتياطي نفطي وغازي في العالم. وفي عام 1953 تدخلت المخابرات الامريكية والبريطانية لإعادة الشاه بعد ثورة مصدق الدستورية والتي ارادت الاطاحة باحتكار الغرب للنفط الايراني واطاح أنقلاب عسكري بمصدق ليعود محمد رضا بهلوي اكثر استبدادا وسطوة مستفيدا من عقود جديدة للنفط تمنح حكومته 50% من العوائد أو ما وافقت عليه الحكومة البريطانية باعطاءه عقود تحفظ ماء الوجه. والتسطيح يدعنا نتساهل في وضع الاحكام إلا أن وجود شخصية كاريزمية مثل الخميني قادرة على حشد شبه اجماع وطني تمنع مثل هذه التدخلات. وهذا يضعنا كذلك أمام اساءة فهم تتعلق بما يعتبره البعض معسكر الصمود ضد الامبريالية الامريكية تمثله إيران.
وفي الحقيقة تكونت إيران الحديثة من صراع بين المحافظة والتغريب بين الانتقال إلى حكم دستوري وملكية مستبدة ومازال هذا الصراع قائما اليوم بين الاصلاحيين والمحافظين بين دعوات الانفتاح على الغرب واصوات تنعت الولايات المتحدة بالشيطان الاكبر. كما انها قامت على شوفينية وطنية فتسميتها إيران هو تقربا من وجود علاقة بالعرق الآري وهو ما اعلنه هتلر عندما قامت نازيته على تفوق العرق الآري. لكن مثل هذا الادعاء الزائف يمكن كذلك العثور لدى الهنود أو الغزاة الآريون. وترتبط تلك المجموعات القومية بروابط لغوية في عائلة اللغات الهندو- اوروبية. ثم هناك التعصب القومي الذي مثله مصدق معارضا احتكار الشركات الغربية للنفط. والتعصب الديني الذي تمثله الحوزات الشيعية وفي تعصبه أحيانا يعارض أي تمجيد لفارس قبل الاسلام ويريد فقط حصرها بالتاريخ المسلم. هناك كذلك قوميات ومجتمعات مختلفة عرب اهواز بلوش سنة اذر تركمان. واستطاعت الثورة الايرانية أن تعزز سلطة الدولة المركزية وفي نفس الوقت انتجت تراجع في قيم التحديث إذ عززت سلطة الدين.
فإيران الذي غالى فيها الشاه رضا بنزوعه نحو التغريب حد فرض قوانين تمنع الحجاب في المناطق العامة. عادت إلى الوجه المتطرف والمغالي بفرض الشادور والعباءات السوداء على النساء فرض الخمار منع النساء من ارتداء الوان كما منع الرجال من ارتداء ربطة عنق باعتبارها بدعة غربية. كذلك الغاء قانون يمنع الزواج لاقل من 18 عاما وتحديد الزواج عند 13 عاما.
لكن كذلك استطاعت الثورة بكل اخفاقاتها واستبدادها عبر لجنة صيانة الشريعة التي تبرر استبداد آية الله عبر مبرر مراقبة الشريعة أي وصاية كاملة لحياة البشر وتطلعاتهم تحت مظلة الدين. لكن الثورة ايضا استطاعت البقاء ليس لما يعتقده البعض بالتواطؤ الغربي فاستطاعت تحقيق نتائج ايجابية على صعيد الرعاية الصحية فقللت من وفاة المو

قد يعجبك ايضا