ضعف الرقابة نقص الكوادر والمخصصات يصيبها بالشلل

تحقيق/ عبده حسين الاكوع


◄ "وحدات" غير صحية ومراكز بلا "دينامو"

◄ مدير مديرية يغلق 10 وحدات

◄  غياب التنسيق وسوء التخطيط يعمقان المشكلة

عاد عبدالملك (35 عاما) مع زوجته في ليلة شديدة البرودة من ليالي آذار/ مارس 2012 بجثة رضيعتهما ذات الأربعين يوما واللوعة تعتصر قلبيهما بعد موتها نتيجة غياب طبيب مناوب أو ممرض في مركز صحي قريب من منزلهما.
كان الوالدان اضطرا لنقل الرضيعة في منتصف الليل – بعد اصابتها بحمى وإسهال حاد – إلى واحد بين 33 مركزا صحيا تخدم مديرية السودة التابعة لمحافظة عمران حيث يقطن مليون و50 ألف نسمة.
"كان البرد قاسيا. لكن للأسف لم نجد فيه أي عامل صحي مناوب" على ما يستذكر عبدالملك. وهكذا ماتت الرضيعة ملاك بعد نصف ساعة على الانتظار في المركز.
أما مجاهد (23عاما) فباغته الموت واتسعت حدقتا عينيه وجمدت نظرته بعد تعرضه لاختناق بـ"القات" في مايو/ أيار2012. يقول علي (28 عاما) – جاره الذي حاول إسعافه: "نقلته بسيارتي إلى مركز صحي قريب في مديرية السودة ولم أجد فيه أي طبيب فانتظرنا بعد الاتصال بمديره ومدير إدارة الصحة ولم يصلا إلا بعد أن فارق مجاهد الحياة بساعة".
وقعت الوفيتان فعلا في مديرية السودة وفق إقرار مدير الصحة هناك محمد المخير والمقربين من هذه الحالات. حيث باتت الحاجة الى رعاية طبية كابوس لسكان المحافظة المليونية.
ويؤكد المخير وقوع 16 حالة وفاة خلال عام 2012 من إجمالي 16822 حالة عالجتها المراكز والوحدات وبنسبة 0.09 % على مستوى المديرية نتيجة وجود كادر فني فقط دون أطباء عموم أو أي كادر طبي متخصص على الإطلاق إلى جانب نقص الأدوية والإمكانات وقلة النفقات التشغيلية.
كما لا تتوافر لدى هذه المراكز والوحدات إمكانيات للمناوبة. اذ يتراوح عدد المراجعين للمركز الذي قضى فيه مجاهد بين 15 الى 30 شخصا يوميا حسب ما يقول المخير.
هذا التحقيق يكشف من خلال الزيارات الميدانية والوثائق أن تداخل صلاحيات ومسؤوليات السلطات المحلية ووزارة الصحة في عمران وضعف رقابة الوزارة وسوء إدارتها يسفران عن تدهور الخدمات في مراكز هذه المحافظة ووحداتها الصحية.
ووثقت الجولات الميدانية على مدى ستة أشهر نقصا حادا في الكوادر الطبية المتخصصة وإهمالا أديا إلى عدم قيام المنشآت الصحية بوظائفها ما أسفر عن إغلاق 20 % من 222 وحدة صحية منذ إنشائها خلال الفترة بين عامي 2000 و2010. كما أن 41 من 120 وحدة زارها كاتب التحقيق تخلو من وجود قابلة و33 وحدة لا توجد بها مرشدة صحية و47 لا يوجد بها فني تمريض و54 لا يوجد بها مساعد طبيب. وغالبيتها لا يوجد بها أدوية أو مستلزمات إسعاف فيما تعمل المراكز الصحية الـ33 في المحافظة بشكل جزئي اذ لا تقدم خدمات متكاملة وبالتالي يحرم سكان المنطقة من العلاج وتتهدد حياتهم كما تهدر موارد الدولة.
(البيانات السابقة جدول- ) 
وتشكل نسبة وفيات الرضع أكثر من 30 % من وفيات الأطفال تحت سن الخامسة بحسب التقرير المرحلي  للصحة الصادر عن اليونيسف عام 2012.
**
يموت سنويا قرابة 10 ملايين من صغار الأطفال في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل قبل بلوغهم سن الخامسة بسبب حالات مرضية يمكن توقيفها وعلاجها بحسب معلومات مدونة على موقع "اليونيسف" عن العام 2012.
متوسط المعدل السنوي العالمي للحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة بلغ 3.9 % في الفترة 2005-2012 مقارنة بـ 1.2 في المائة سنويا في الفترة 1990-1995 إلا أنه يظل غير كاف لإحراز الهدف الإنمائي للألفية المتضمن الحد من معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة الثلثين بين عامي 1990 و2015 وفقا لتقرير حديث صادر عن اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية ومجموعة البنك الدولي وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة أواخر العام 2013. لكن التقرير الوطني لأهداف التنمية الألفية في اليمن لعام 2010 يشير الى ان عدد وفيات الأطفال دون سن خمس سنوات بلغت 78.2 لكل ألف مولود حي والمستهدف 40.6 وعدد وفيات الأطفال الرضع 69 لكل ألف مولود حي والمستهدف 27.2.

وحدات غير صحية
**
تقدم الوحدة الصحية الواحدة خدمات وقائية بصورة رئيسية إضافة إلى خدمات علاجية أساسية بسيطة لما بين 1000 – 5000 نسمة بينما المركز الصحي يقدم خدمات وقائية تشخيصية وعلاجية لما بين 10000-30000 نسمة حسب النموذج النمطي الوطني لإنشاء وتجهيز وتشغيل وحدات ومراكز الرعاية الصحية الأولية في الجمهورية اليمنية الصادر بالقرار ("18/3" لسنة 2005.
يشمل الكادر الفني فئات طبية مساعدة مثل: مساعدو أطباء تمريض صيدلة مختبرات أشعة قبالة صحة عامة طب مجتمع ت

قد يعجبك ايضا