أسئلة.. بلا جواب
محمد المساح
أطلق العرب على المرحلة الأخيرة من العهد العثماني اسم عصر الانحطاط ورغم أن الانحطاط التصق بالجانب الأدبي بحيث صار نقيض ما سيعرف باسم عصر النهضة فإن الجانب الأدبي من الانحطاط العثماني هو أقل عناصر هذا الانحطاط أهمية. لأن الانحطاط الحقيقي تجسد في السياسة والمجتمع حين فقدت الدولة العثمانية استقلالها وتحولت ملعبا لصراعات القوى الأوروبية الصاعدة وأطلق عليها اسم رجل أوروبا المريض مرض الدولة العثمانية تجلى في عجزها عن تجديد نفسها وإصلاح نظامها السياسي فصارت خارج العصر أراضيها وولاياتها تباع وتشتري في مزادات الدول الأوروبية إلى أن جاءت الحرب العالمية الأولى باندثارها.
لا أدري كيف ينظر الحكام العرب إلى قمتهم¿ هل يعتقدون فعلا أنهم قمة تلتئم¿ هل يشعرون أنهم يملكون المشكلات التي يواجهون¿ وهل يملكون دواء ضد العجز الذي استباح أرضهم وحولهم ملعبا للدولة العظمى الوحيدة التي احتلت العراق وتركت القول الإسرائيلي يعبث على هواه.
سؤالي ليس سياسيا بل لغوي إذا كنا نعيش عصرا انحطاط وأفول مثلما يقول المنطق والعقل وإذا كان الانحطاط العربي هاوية فهل هناك قمة للهاوية¿ وهل يستطيع أهل هذه الهاوية الإدعاء بأنهم يملكون شيئا من أجرهم كي يكون هناك من جدوى للقائهم¿ السؤال اللغوي ليس تفصيلا فالنهضة العربية التي أعقبت الانحطاط في القرن التاسع عشر كانت لغوية قبل أن تكون أدبية وقبل أن تنتج المشروع القومي الذي حاول تأسيس الاستقلال السياسي العربي.
إلياس خوري من مقال القمة والهاوية صحيفة القدس 28-3-2006م