هذا كل ما في الأمر
جمال الظاهري
عام جديد يطل علينا .. تلوح فيه بعض مفردات الحلحلة لبعض الأمور التي عشناها بقلق وخاصة في موضوع النزاعات المسلحة ..
المقدمات التي اعتمد عليها تتمثل في توقيع المصالحة التي أوقفت نزيف الدم في دماج والجبهات التي كانت قد بدأت في عدد من المناطق – الجوف وعمران وحجة-..
أيضا هناك مؤشر عودة الدولة للعب دورها والقيام بمهامها وإن بشكل بسيط .. فتسلم الجيش لمواقع المقاتلين من أطراف النزاع وتمركزه في نقاط التماس أمر يعيد لنا الأمل في أن القادم سيكون أفضل.
أن تبدأ أجهزة الدولة في حضورها في الأماكن التي تتطلب الحضور خاصة عندما يتعلق الأمر بالشأن الأمني فإننا نستطيع أن نتفاءل بإمكانية حضورها في الأماكن الأخرى .
أن يتوقف القتال عن طريق تدخل رئيس الجمهورية وأجهزة الدولة مباشرة بعد أن فشلت الوساطات القبلية التي شغلت حيز عمل الدولة فإننا نستطيع القول أن ملامح العودة إلى الوضع الطبيعي وما يجب أن يكون قد بدأت.
استبشارنا هذا لا يعني أن الوضع صار عال العال .. كلا فهناك مهام كبيرة ما زالت ماثلة أمام استعادة الاستقرار وايقاف حالة التدهور الشامل للبلاد ناهيك عن الحاجة إلى الانتقال من حالة إيقاف الانهيار إلى مرحلة البناء واستعادة عجلة التنمية لدورها في النشاط الإنتاجي الذي يأمله أبناء هذا الوطن ولكن لنقل أن هذه هي البداية.
أن تأتي البداية مع قرب موعد انتهاء موتمر الحوار الذي استنزف كل الطاقات وحاز على الأولوية في المهام المعلقة رغم أنها جميعا قضايا ملحة فإنها بداية يمكن أن يبنى عليها وتبعث على التفاؤل الذي كان قد خبا في زحمة الهموم والقضايا المعيشية التي أثقلت كاهل الناس وأصابتهم بالإحباط.
الحمل ثقيل والأعباء كثيرة والمهام صعبة ولكن مع التحلي بروح الإصرار وبعزيمة الأوفياء من أبناء اليمن يمكن التغلب عليها لا أقول هذا الكلام للتنظير .. ولكن من خلال معرفتي بقدرة أبناء وطني الجبارة التي تغلبت على الصعاب في مراحل كثيرة من تاريخها.. فقط تصدق النوايا ويستعيدون التضافر ويحدد هدفهم وعندها لن يقف في طريقهم عائق ولن تعجزهم الوسيلة.
فقضايا التخريب والتقطعات والسياب وإهدار المال العام واستعادة هيبة الدولة واسترجاع مؤسساتها من أيدي أصحاب النفوذ والأحزاب الذين سخروها لمصالحهم أمور هينة في حال اقتناع وتضافر الشعب مع قيادته التي يعول عليها إثبات تحررها من أغلال من لا يريد لهم ولوطنهم الخير.
بيد أن كل هذا يبقى معلقا على مشجب النوايا التي ستثبتها القيادة السياسية خلال الأشهر القليلة القادمة التي ستعقب مخرجات الحوار على الواقع العملي لأن الناس اليوم وبعد كل ما عانوه ما عادوا يؤمنون بالكلام مهما كان حسينا ولا يؤمنون بالوعود ولا تنطلي عليهم حيل وألاعيب الساسة ومزاجيات الأحزاب.
إن من أهم ما يعول عليه الناس ويبنون عليه قناعاتهم وإيمانهم ويحفزهم على التضافر ومساندة مساعي أجهزة الدولة وقادة التحول السياسي من أجل المستقبل هو وقف حالة التدهور والتشظي المجتمعي ووأد الدعوات المذهبية والمناطقية والعنصرية واستبدالها بمفردات التوحد والعيش الكريم والعدالة المجتمعية وتكافؤ الفرص ومبدأ التنافس والجدارة في تولي الشأن العام والخدمة في المرافق العامة للدولة.
هذه الأمور هي محددات مستقبلهم ويعتبرونها مقياس نجاح قادة المرحلة الحالية ومؤشرات نقاء الكيانات الحزبية والمجتمعية التي سيحدد الناخب حجمها وتمثيلها في المستقبل القريب من خلال ما خلص إليه بعد تقييم دورها في هذه المرحلة الصغير والكبير في هذه الأيام يراقب ويرصد ويقيم استعدادا لقول كلمته الفصل في الصناديق وعلى الأحزاب والساسة أن يكونوا يقظين فبأيديهم اليوم يصنعون مستقبلهم ومستقبل أحزابهم.
وعلينا كيمنيين حكاما ومحكومين التفكير في المرحلة المقبلة. لن توقفنا أو توقف حياتنا عقبة هنا أو هناك لن يمنعنا شخص لا يجد ضالته إلا في دمارنا وتفككنا ولن تحجب الشمس عن حاضرتنا ولا عن مستقبلنا إذا ما غادر فلان وأتى علان سيرحل نظام ويأتي آخر دفعنا الكلفة وننتظر النتيجة هذا كل ما في الأمر.
في الأخير نشد على يدي الرئيس ونبارك له نجاح اللجان التي كلفها في وقف الاقتتال ونطالبه بالتسريع في إنجاز المهام المعلقة كي نصل إلى حالة الدولة الدستورية الشرعية الممثلة لأصحاب السلطة الطبيعيين وكي نطوي مرحلة العبث والتزييف والشرعية غير الكاملة التي منحت قانونيتها الظروف الاستثنائية.