مفاجآت إبراهيم الحمدي الحلقة 49
دكتور/ ياسين عبدالعليم القباطي
دكتور/ ياسين عبدالعليم القباطي –
قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وأنتصر عليه و ما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعيةآنس. أخي الكبير بعد عودته من بلاد السعودي قرر وفضل السكن معي في مدينة النور وتم بناء مسكن له بجوار مسكني بالحارة الغربية وعاش مع زوجته فترة من الزمن مرتاح إلى جانبي زوجتي أم عبدالرحمن تتفانا في خدمتنا وخدمة الضيوف القادمين من أنس وعنس معظمهم من العاملين في الجيش من المعسكرات المنتشرة في محافظة تعز لم يعودوا يأتون بسيارات الجيش فقد منع الحمدي تحرك جميع سيارات الحكومة إلا لمهمات رسمية وبغير أيام الجمعة والعطل الرسمية كما منع صرف المحروقات تماما للسيارات الرسمية أيام العطل ماعدا سيارات النجدة والإسعاف كان ذلك المنع أحد الأسباب التي خففت من حضور الضيوف الى منزلي بالحصب وإعطاء زوجتي فرصة أكبر لترتاح من عناء استقبال الضيوف خاصة وإنها على وشك أن تضع طفلها الثاني. عندما اقترب ميعاد المخاض تصرفت زوجتي كعادتها عندما ولدت بعبد الرحمن قامت بتحضير كل ما تحتاجه للولادة وطلبت مني البقاء خارج الغرفة وستلد وحيدة بدون مساعدة من أحد علقت حبلا في السقف تشد جسمها إليه بيديها إذا أتتها آلام المخاض لتبقى شبه واقفة فذلك يساعدها على الولادة بقيت في المطبخ أحضر لها الماء الساخن أسمع أنينها العميق الخافت وهي تتألم من ذلك الجنين القادم الجديد الذي يشق طريقه الى الحياة من بين أحشائها وعظامها وعضلات جسمها بعد أن قضى تسعة أشهر تحمله في بطنها وتسير في الوادي والجبل تلقط الحطب تساعدني في بناء البيت وتخدمني أنا وابني وأخي تهتم بطعامنا وملبسنا وضيوفنا وأخيرا تنطلق من أم عبدالرحمن صرخة قوية وبكاء جنين فأدفع الباب لأرى طفلي الثاني بين يدي زوجتي بشعره الأسود الفاحم وصرخته العالية يعلن فرحته بخروجه إلى نور الحياة من ظلام عاش فيه تسعة أشهر أم عبدالرحمن تقطع الحبل السري وتقمط الطفل وتسلمني الأمانة وعيناها تبديان الرضا والامتنان. لم تمض سويعات حتى قدمن الراهبات لزيارة زوجتي يحملن معهن لفافة تحوي ملابس للطفل وفاكهة لزوجتي وحلويات يباركن لنا قدوم الطفل الثاني كعادتهن الراهبات ينتهزن فرصة الولادة والموت لتقوية علاقتهن الاجتماعية بسكان مدينة النور الذي عزلهم المجتمع بسبب مرض الجذام يعملن جاهدات على إزالة مشاعر التعصب الديني التي يثيرها البعض ضدهن وإشاعة إنهن جئن للتبشير بالدين المسيحي وإخراج اليمنيين من الإسلام وليس للرحمة والإحسان كما يظهر في تسمية منظمتهن ” بعثات الإحسان ” .
لم تمض اليوم على ولادة طفلي الثاني حتى بدأت مظاهر الحيوية تذوي على وجنتيه وبريق عيونه تبهت وتنفسه ببطء وصراخه يخفت ولم يمهلني كثيرا لطلب النجدة وإسعافه فقد أقفل عينيه وأنتقل إلى جوار ربه ولم يعد سوى جثة هامدة حزنت أم عبدالرحمن كثيرا بكت وهي تشاهد الدموع تنهمر غزيرة من عيوني فقدنا طفلنا الثاني سريعا قبرناه في مقبرة مدينة النور وعدنا الى ممارسة حياتنا بصورة طبيعية ونست أم عبدالرحمن عناء تسعة شهر حمل وآلام ولادتها وحيدة ولم يمض عليها شهران حتى صارت حبلى بطفلنا الثالث.
ضباط من آنس زاروني اليوم تناولنا غذائنا معا وللغرابة أخبروني بأن الحمدي لم يقد انقلابا على الرئيس القاضي الإرياني بل قدم القاضي استقالته بعد ضغط من المشائخ وبالذات رئيس مجلس الشورى عبدالله الأحمر الذي هدد الإرياني بأن حاشد ستهاجم صنعاء إذا لم يستقيل فما كان من الرئيس الإرياني الا أن يقول ” لن يراق دم طير بسببي” وقدم استقالته للأحمر بعد أن قدم أبو لحوم استقالته للأحمر وقدم الأخير استقالته لمجلس القيادة ثم اتفق رأي مشائخ قبائل الشمال على اختيار الحمدي رئيسا لمجلس القيادة معتقدين أن الحمدي ضعيف شخصية وبإمكان المشائخ السيطرة عليه بسهولة غير إن الحمدي كان بالنسبة لهم مفاجأة وصدمة العمر وخطأ مميتا يجب تصحيحه . فاجأ الحمدي المشائخ بإصدار قرار تجميد مجلس الشورى وتعليق العمل بالدستور وتوسيع عضوية مجلس القيادة وعندما قابله المشائخ لثنيه عن اتخاذ تلك القرارات قال لهم ” إذا أردتموني في الحكم فلا تجعلوني مسخرة واتركوني أتخذ قراراتي ” كان رده قويا على ظلم المشائخ للمواطنين فعندما قتل الشيخ الذهب مواطنا في المناطق الوسطى أمر الجيش بهدم بيت الشيخ وتفجيره بالأسلحة والألغام التي كانت في حوزة الشيخ ووزع الحبوب والأطعمة التي كانت في مخازن الشيخ على المواطنين وكانت مفاجأة غير متوقعة للمشائخ الذين اختاروا الحمدي ليحل مكان القاضي الإرياني الذ