محنة الاقتصاد والشعب اليمني اليوم

محمد عثمان طالب الجرادي

 - يمر الاقتصاد اليمني هذه الأيام بمشكلة مالية واقتصادية مؤسفة أدت إلى استنزاف خزينة الدولة وتجفيف منابعها المالية  طبقا لمصادر رسمية هذا الوضع المالي الصعب دفع الحكومة للاستنجاد
محمد عثمان طالب الجرادي –

يمر الاقتصاد اليمني هذه الأيام بمشكلة مالية واقتصادية مؤسفة أدت إلى استنزاف خزينة الدولة وتجفيف منابعها المالية طبقا لمصادر رسمية هذا الوضع المالي الصعب دفع الحكومة للاستنجاد بالبنك الدولي لإنقاذها بقرض مالي إسعافي يعادل مبلغ 500مليون دولار.. جاء رد البنك مؤخرا بفرض قائمة من الشروط المالية بعضها قاسية و ستطال بأعبائها المرهقة الفئات السكانية الفقيرة والمعدمة أي الغالبية العظمى من السكان حوالي (90%) بمزيد من المعاناة والأضرار المعيشية الصعبة.. دون التعرض للأسباب الحقيقية التي أسهمت في تدهور الوضع المالي إلى هذه الدرجة الحرجة..كما نرى كان بالإمكان تلافي واحتواء هذا الوضع المالي المأزوم بإجراءات قانونية إدارية وأمنية مناسبة وفعالة وتخطيط مالي محكم ولكن للأسف لم يحصل ذلك فيما يلي نسلط الضوء بقدر من التحليل والتقييم الموضوعي على أهم تلك الأسباب وشروط البنك الدولي المشار إليها أنفا….
أولا: أهم أسباب المشكلة المالية الحالية
السبب الأول: ارتفاع النفقات المالية عن الإيرادات المالية للموازنة التقديرية للدولة من بداية السنة المالية الحالية 2013م وإحداث فجوة تمويلية كبيرة بين الإيرادات والنفقات المالية بمبلغ يفوق 600مليار ريال بنسبة تقارب 25%..من القيمة الإجمالية للموازنة العامة التقديرية..دون تحديد طرق ووسائل مواجهتها أو مصادر سد الفجوة التمويلية الكبيرة غير المسبوقة في البلاد..
السبب الثاني: الانفلات الأمني وتصاعد أعمال التخريب والتفجير المتواصل لأنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء وعدم مواجهة هذه الأعمال التخريبية الخطيرة من قبل الحكومة بإجراءات فعالة مناسبة أو توفير الحماية الأمنية الكاملة لها للحد من المخاطر والأضرار المالية والاقتصادية المتفاقمة على المجتمع والدولة.. أدى ذلك إلى حرمان خزينتها مليارات الدولارات مقابل النفط والغاز المهدور واستنزاف مئات المليارات من الريالات لإصلاح أبراج ومحطة كهرباء مأرب الغازية ومراضاة المخربين أو مكافأتهم دون جدوى..كما أدى إلى مزيد من المصاعب والحرمان الاجتماعي و تدهور مستوى الحياة المعيشية للشعب دون توقف.
السبب الثالث: نتائج الانفلات الأمني المعروفة ومضايقة وتهديد وإرهاب كثير من المستثمرين وهذا واضح لا يحتاج إلى شرح.. أدى هذا إلى تراجع وانكماش خارطة الاستثمار التجاري والاقتصادي وتقليص مجالاته كما ونوعا داخل البلاد كما تسبب بانخفاض مستوى التشغيل للموارد الاقتصادية والمالية المختلفة ومنها العمالة اليمنية وانخفاض مستوى الدخل المالي الخاص والعام وارتفاع نسبة البطالة والفقر والغلاء بل وهروب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد بصورة متزايدة دون وضع حلول ومعالجات جادة من قبل الحكومة لاحتواء المشكلة الاقتصادية والمالية المتفاقمة.
السبب الرابع: سوء التسيير الاقتصادي والمالي وفقدان خزينة الدولة أرصدة مالية كبيرة نتيجة النفقات المالية الترفية والهدر المالي الكبير من جهة والتحايل وامتناع قطاع واسع من المكلفين عن سداد ما عليهم للدولة من ضرائب ومحاباة بعضهم ومجاملتهم وإعفائهم من الضرائب المستحقة للدولة وبحسب مصادر صحفية يفوق فاقد الضرائب المستحقة للدولة (بدون الهدر المالي والإنفاق الترفي الواسع) سنويا 500مليار ريال.
السبب الخامس: تأخر الحكومة اليمنية في ترتيب ومعالجة أوضاع العمالة اليمنية في الجارة السعودية خلال المهلة الممنوحة لهم لتتلاءم أوضاعهم مع المتطلبات القانونية المستجدة هناك ما أدى لطرد مجاميع كبيرة منهم وحرمانهم من أعمالهم ومصادر أرزاقهم فتحولوا من مصدر دخل لهم ولذويهم وللدولة ذاتها إلى عبء اقتصادي جديد على الدولة وعلى أسرهم الفقيرة بالتحديد وللوضع القائم للحكومة اليمنية فسينضمون إلى طوابير البطالة والفقر والحرمان مع ما يترتب من نتائج سلبية في الداخل اليمني المثقل بأعباء مالية واقتصادية مرهقة.
تلك أهم الأسباب للمشكلة المالية التي لم تكن فجائية أو مجهولة أمام الحكومة اليمنية ولكن لأسباب غير معروفة لم تعالجها كما يقتضي الأمر رغم وضوح أسبابها للحد من آثارها المالية السلبية على مالية الدولة واقتصادها الوطني .. كأن الحكومة بأجهزتها التنفيذية الضخمة لم تكن ملزمة أو معنية بفرض هيبة الدولة وسلطة النظام والقانون في ربوع البلاد كافة وتوفير الحماية الأمنية اللازمة لمنشآتها ومواردها المالية والاقتصادية وتحصيل حقوقها المالية السيادية لسد الفجوة التمويلية الحاصلة في الميزانية العمومية وتلبية احتياجاتها التمويلية الأخرى رغم أن ذلك يعتبر من وا

قد يعجبك ايضا