المياه مرتكز رئيسي للأمن الغذائي

محمد العريقي


 - مع ترحيل مئات  الآلاف من المغتربين اليمنيين من الأراضي السعودية لاشك أنه سيكون لذلك تبعات اقتصادية وضغط على الموارد الطبيعية في اليمن, وسوف تزداد الحاجة لمزيد من الغذاء
مع ترحيل مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين من الأراضي السعودية لاشك أنه سيكون لذلك تبعات اقتصادية وضغط على الموارد الطبيعية في اليمن, وسوف تزداد الحاجة لمزيد من الغذاء , ويتطلب ذلك زيادة استيراد المواد الغذائية وخاصة الحبوب (فاليمن يستورد %80 من الغذاء من الخارج) وهذا ما يعني ضرورة التأكيد على أهمية الأمن الغذائي ولكن كيف نحقق ذلك وهناك انعدام للإدارة الحكيمة لما هو متاح من المياه وهي – أي المياه – المرتكز الأساسي لأي استراتيجية في مجال الأمن الغذائي .
وفي المقالات السابقة ركزت على أهمية المحافظة على المياه وتنمية مصادرها المختلفة كحاجة أساسية للشرب مسردا الكثير من التفاصيل حول وضع اليمن المائي الحرج باعتبارها تقع في منطقة شبه جافة تتذبذب فيها هطول الأمطار وليس لها موارد غير تلك التي تأتي عبر مواسم محددة ولديها أحواض جوفية تجمعت عبر آلاف السنين في طريقها إلى النضوب.
وهناك إجماع عام على أن هذا المخزون كان ينبغي أن يحافظ عليه بصورة رئيسية لضمان احتياجات السكان للشرب أولا, والذين يتزايدون بنسبة نمو مرتفعة وفق المعايير العالمية ( 3,1% سنويا –5 ملايين نسمة قبل خمسين عاما تقريبا الآن 24مليون نسمة تقريبا , ويرتفع العدد مليون نسمة كل سنتين) باعتبار أن حاجة الإنسان للمياه كشرب لا يمكنه الصبر على ذلك أكثر من أربعة وعشرين ساعة , أما الغذاء فيمكن الصمود لأكثر من ثلاثة أيام, كما يمكن الحصول على الغذاء من أماكن بعيدة (استيراد, أو مساعدة) أما مياه الشرب فيصعب الحصول عليها بنفس الطريقة, إذا من هنا تعطى الأولوية للحياة , وليس هذا تقليلا من أهمية الغذاء ولكن تبين أن هناك إسرافا وتفريطا في هذه الثروة الحياتية , مما انعكس ذلك على احتياجات السكان لمياه الشرب والغذاء , والدخول في تخفيف هذا الضغط, ينبغي أن يتم عبر معالجة الخلل في القطاع الزراعي أكثر القطاعات استهلاكا (%93 تستحوذ الزراعة من المياه الجوفية والسطحية) وثمانين بالمائة من المياه الجوفية تذهب للزراعة, والمخيف أن %40 تذهب لري القات, ليس لهذا المحصول أي علاقة بالأمن الغذائي, بل مضر بها ومستهلك للمياه, ومستحوذ على أكبر مساحة زراعية, ومدمر للصحة والاقتصاد.
وهنا أضيف وأبرر حرصي على ضرورة التوازن والموازنة المائية حتى نزيل مخاوف شبح جفاف الأحواض المائية , التي تأمن احتياجات الكثير من السكان بمياه الشرب وخاصة المدن الحضرية والتجمعات السكانية الكبيرة في الأرياف , وكذلك ضمان أمننا الغذائي والتنموي , وهذا لا يعني التقليل من المساحة المزروعة , وإنما كيف نرشد المياه في هذا القطاع ونستخدمه بكفاءة عالية عبر أساليب حديثة ومستفيدين من تجارب الآباء والأجداد في حصاد المياه , ومعالجة المياه , والتركيز على زراعة المحاصيل الزراعية ذات البعد المهم في استراتيجية الأمن الغذائي , حيث لاحظنا إدراك مثل ذلك في منتصف السبعينيات من قبل الدولة أثناء حكم الشهيد إبراهيم الحمدي – رحمة الله عليه – الذي كان يردد مقولة (ويل لشعب يأكل مما لا يزرع , ويلبس مما لا يصنع).
إن ترشيد المياه يعد الخطوة الأولى لمواجهة تحدي شحة المياه التي تعاني منها اليمن وعلى وجه الخصوص الاستخدام الزراعي لأن كميات المياه الهائلة التي تذهب لهذا القطاع تجعل مسألة الترشيد أكثر إلحاحا, (سكان الريف يمثلون %70 من إجمالي سكان الجمهورية) يعتمدون في تأمين متطلبات حياة أسرهم على النشاط الزراعي. ولهذا يتصاعد القلق من استنزاف المياه الجوفية غير المتجددة التي يذهب الجزء الكبير منها للزراعة. وإذا ما استمر استنزافها بالمعدلات المرتفعة فإن مخزون المياه سوف ينفذ في كثير من الأحواض وبذلك يصبح القطاع الزراعي ومن يعمل فيه ويعتمد عليه في دائرة الخطر.
إن إلقاء نظرة فاحصة على دور الماء واستخداماته في الزراعة في الوقت الحاضر يدعونا إلى استحداث سياسيات زراعية أكثر جدية وثبوتا ومعالجة لذلك لابد من أن يستمر توسعنا في المجال الزراعي عن طريق الأمطار أو بالري الذي يلعب فيه التقنين والترشيد دورا حاسما, عندها يمكن أن يعود الكثير ممن فقدوا أعمالهم في بلدان المهجر إلى الزراعة.
ولذلك فإن الحاجة لتحقيق أمن غذائي والرغبة في تصدير المنتجات الزراعية للخارج تقتضي بالضرورة إتباع أساليب فعالة تزيد من كفاءة الري وكذلك الاتجاه نحو رفع الإنتاجية الزراعية ببذور محسنة تعطي محصولا أكبر بمياه أقل. فبواسطة الري المقنن والمرشد تمكنت العديد من دول العالم من تحويل مساحات واسعة من مناطق قاحلة إلى أراضي زراعية خصبة منتجة.
ومع حتمية تزايد ا

قد يعجبك ايضا