ما بعد الانتقالية
عبدالله دوبلة

من الجيد أن تبادر أطراف سياسية لوضع تصوراتها لما بعد المرحلة الانتقالية الراهنة فأن يكون هناك محددات واضحة لتلك المرحلة هو أفضل من أن نجد أنفسنا هناك فجأة وبدون محددات.
كل التفسيرات صحيحة للآلية المزمنة للمبادرة الخليجية لمن يراها محددة بسنتين ولمن يراها محددة في وظائف يجب إنجازها قبل الذهاب لأي مرحلة سياسية طبيعية بغض النظر عن الزمن والرأي الأخير هو ما أميل إليه لكن أيا كان ما نرجحه ونرغب فيه يمكن القول ولأسباب وجيهة عدة أنه لن يكون هناك مرحلة جديدة في فبراير 2014م.
باختصار لن يكون هناك دستور جديد ولا انتخابات بعد أربعة أشهر من الآن. سنكون هناك أمام خيارين: إما أن تستمر المرحلة الراهنة كواقع وبدون اتفاق جديد وإما أن يكون هناك اتفاق بملامح ومحددات المرحلة الجديدة أيا كان اسمها. الأمر الجيد هو أن أطرافا سياسية بدأت تنظر لهذه المرحلة كواقع من الآن وبدأت في تقديم تصوراتها لما ينبغي أن تكون عليه تلك المرحلة.
رؤية الحزب الاشتراكي إحدى تلك الرؤى المهمة بالفعل غير أن الرؤية التي تناقش وفي تفاصيل صغيرة جدا طبيعة تلك المرحلة التي تقترح تسميتها بالتأسيسية تعوز بعض أفكارها قوة ووجاهة الحجة وكأن الغالب في صياغة الرؤية هي انحيازات الاشتراكي ورغباته لا غير..
ما ترغب فيه أنت أو تفضله ليس هو الأفضل عادة لكن حين يتبارى الجميع في تقديم رغباتهم فإن تعمل خلطة من جميع تلك الرغبات لا يعني أن ذلك هو المنتوج الأفضل بالضرورة.. بالنظر إلى تجربة موفمبيك لن تجد غير هذا الأداء هو ما كان يحدث هناك والنتيجة هي أنهم أنجزوا كل شيء ولا شيء أيضا.
لتجنب مآل مماثل يمكن اقتراح نمط آخر للأداء أظن أنه مهم وضروري أقترح أن يبدأ في الإجابة على سؤال: ماهية الطبيعة السياسية لتلك المرحلة هل تستمر على ما هي عليه المرحلة الراهنة كمرحلة غير تنافسية¿! إن كان ذلك لم هذه الصيغة هي الأفضل أو الضرورة¿ أو تكون مرحلة تنافسية كأي تنافس في وضع سياسي طبيعي¿. وما حجية مثل هذا الاقتراح¿ أو لم الاقتراح بالجمع بين التنافسية وعدم التنافسية هو الأفضل والأنسب¿.
أظن أن تحديد طبيعة المرحلة وفق حجية ووجاهة الاقتراحات السابقة هو المفتاح لمناقشة التفاصيل الأخرى في ملامح ومحددات المرحلة الانتقالية أو التأسيسية القادمة.
عن نفسي أقترح مرحلة تجمع بين التنافسية وعدم التنافسية لما أراه بأن الذهاب إلى مرحلة كاملة التنافس قبل الاتفاق على الدستور الجديد وطبيعة النظام السياسي وشكل الدولة بأنه قد يفجر الأوضاع أمنيا وعسكريا بين الأطراف المتنافسة في حين أرى أن في استمرار مرحلة توافقية وغير تنافسية هو استمرار لهشاشة وميوعة الوضع السياسي الراهن الذي قد يؤدي وإن بشكل تدريجي لانهيار الدولة ككل في نهاية المطاف.
إن تم الاتفاق على هذا المبدأ يمكن إنجاز نماذج عدة بتفاصيل وملامح تلك المرحلة. الفرق هو أن المبدأ هو ما سيكون المعيار للترجيح والتفضيل بين المقترحات المقدمة.
فالقول مثلا بإجراء انتخابات برلمانية ينتج عنها حكومة منتخبة يشكلها الفائز وحده أو من خلال ائتلاف يحاجج له بمبدأ تحقيق التنافسية الجزئية والحصول على حكومة مسؤولة عن أفعالها وسياساتها كما يمكن المحاججة بإبقاء صلاحيات سيادية كالإشراف على الجيش والقضاء في يد رئيس الجمهورية التوافقي قبل الذهاب إلى الوضع السياسي الطبيعي بمبدأ عدم التنافسية الكامل الذي قد يفجر الصراع بين الأطراف المتنافسة حال وجدت نفسها أنها تخسر كل شيء لصالح طرف ما…
يمكن أيضا تكليف البرلمان المنتخب بمهمة صياغة وثيقة الوضع الجديد الدستور وفق نسب توافقية ويكون هناك قد تحقق مبدأين تفويض الشعب والتوافق السياسي النسبي.
يمكن مناقشة أفكار كثيرة أخرى الأهم من ذلك هو أن نعرف لم نحن نحتاج لتلك الفكرة أو الآلية ولم هي مهمة أو ضرورية.. ما الذي أريد أن أتجنبه بها أو ما الذي أريد تحقيقه أو التأسيس له..
لا أخفيكم ليس هناك نعيم في الانتظار بل هناك مخاطر وأيام صعبة بالفعل بأن نفهم يمكننا أن ننجو أو نقلل الخسائر على الأقل.
