جلد الموروث وسلخ الثوابت.. 2-1

فايز البخاري


 - الموروث عادة هو كل ما يتلقاه الخلف عن السلفö مöن عادات وتقاليد وأدب وثقافة وسلوكيات قد تحمل في طياتها بعض السلبيات لكنها في الغالب الأعم أشياء إيجابية يفخر بها المرء ويتمايز بها عن الآخرين لتشكöل بمجموعها الخصوصية والفرادة لهذا المجتمع

الموروث عادة هو كل ما يتلقاه الخلف عن السلفö مöن عادات وتقاليد وأدب وثقافة وسلوكيات قد تحمل في طياتها بعض السلبيات لكنها في الغالب الأعم أشياء إيجابية يفخر بها المرء ويتمايز بها عن الآخرين لتشكöل بمجموعها الخصوصية والفرادة لهذا المجتمع أو ذاك. لكن الموروث في لغة الغربي عمران هو كل العادات والتقاليد البالية التي يجب إخضاعها لسلطة العقل والممكن في زمن الممكن واللا ممكن. والثوابت في قاموسه هي كل العادات السيئة التي توارثها اليمنيون جيلا بعد جيل وأصبحتú بمقام الثابت الذي لا يجب الخروج عنه. مع أنه يدخل ضمن النصوص البشرية القابلة للجرح والتعديل.
وقد حرص الروائي على سلخها بلغة سردية فائقة الدقة شديدة العذوبة بالغة التأثير. وهذا ما قد يجعله قاب قوسين أو أدنى من سهام المتشددين الذين يخلطون بين لغة الأدب الخيالية المجازية ولغة الكتابة الحقيقية. خاصة وهو يتصدى بالتعريض لأهم كتبنا المقدسة (القرآن الكريم) من خلال تسمية روايته (مصحف أحمر) وهي محاولة منه لاستثارة التيارات الدينية كجزء من رغبته في الشهرة وإيجاد مساحة أوسع لقاعدة المتلقين حيث واللون الأحمر يدل غالبا على الممنوع والخطر والمحظور فضلا عن الإيحاءات التي يوحي بها اللون الأحمر والتي لا تحبذها التيارات التقليدية على اختلاف مذاهبها ومعتقداتها.
لكن المتعمöق في الرواية يجد أن الروائي قد عمöل على استلهام التراث بروائح القرية الزكية وشذى الأرض العبقة ليدفع المتلقي إلى التحليق في سماوات الريف النقية الصافية من خلال تلك المفردات التي عكستú تلك الطبيعة بجلاء.
ومن خلال عناصر وموضوعات الرواية يبدو الغربي ناقدا لاذعا للإقطاع وميالا للناس البسطاء على حساب المشائخ الذين وصل بهم الحال حيال هؤلاء البسطاء إلى الضرب والسجن والإهانة والتجريح. والروائي استطاع بقدرته على تجسيد ذلك وتصويره بشكل يشعر معه المتلقي أن الروائي متعصب لهم ومتحامل على طبقة المشائخ التي كانت ولاتزال وراء العديد من المشكلات الوطنية فضلا عن التسبب في ما تعاني منه بلادنا من تخلف اجتماعي انجرتú آثاره على بقية الميادين مع نقد لاذع لكل ما يجول في المجتمع من سطوة المشائخ وخضوع الرعاع من الناس لهم . وفي الوقت نفسه هو نقد مبطن للنظام الجمهوري الذي زاد من سطوة المشائخ وجبروتهم في الوقت الذي كان يتوق فيه الشعب للخلاص من هذه العبودية. خاصة وهو لايزال لتوه خارجا من أسúرö نظام كهنوتي لم يبلغ فيه وضع المشائخö وظلمهم إلى هذا الحد الحاصل الآن على عöلاتö النظام الإمامي الكهنوتي المستبد. ما يجعل من النص الروائي هذا بداية لمسار جديد في عالم السرد في اليمن والذي يبدو أنه بدأ ينحو منحى النقد الاجتماعي الذي عجز إنú لمú نقلú جبن عن سلوكه أو السيúر فيه الكثير من الكتابö والصحفيين. إما مداراة للحاكم المستبد أو للحصول على منصب ما أو خشية ملاقاة المصير المأساوي الذي واجهه العديد من حملة الأقلام النزيهة والشجاعة في الآونة الأخيرة بعد اقترابها من أعشاش الدبابير ومحاولتها تعرية الواقع المأساوي المستبد.
في روايته (مصحف أحمر) يمزج الغربي بين الديانات السماوية الثلاث الأشهر في العالم وهي: الإسلامية واليهودية والمسيحية متكئا في ذلك على ثقافة خاصة قاده وأوصله إليها فضوله الزائد كأديب متمرöد يبحث عن الفرادة ويصبو إلى التميز فضلا عن حبöهö البحث عن الحقيقة من خلال الاطلاع على ما لدى الغير فكان أنú خرج بثقافة دينية هي مزيج من الديانات الثلاث.
ولعل تكرار كلمة (صلوات) بدلا من (صلاة) تفضي بنا وتحيلنا فورا من خلال الانزياح المتولöد عنها إلى كلمتي الـ(تراتيل) والـ(الترانيم) التي يستخدمها إخواننا المسيحيون وتأتي دائما مقترنة بكلمة (صلوات).. وهذا يشي بمدى الرغبة الجامحة لدى الروائي في الإفصاح عن رؤيته أو لنقل دعوته – المبطنة بالسرد – للتقارب بين الأديان وخاصة الديانات الثلاث السماوية آنفة الذكر ومدى تفاعل حسه وعقله الباطن مع هذه المفردة. وكذلك رغبته في كسر الحاجز الذي زاد من سماكته العلماء والفقهاء والمتفيقهون المسلمون على مرö العصور.
أما ورود كلمة (مزامير) وحكي الروائي لقصة جدöهö على لسان أمöهö من أنه ينحدر مöن سلالة الأحباش وأحيانا السبئيين أهل الكتاب أو أنه مسيحي من أوربا التقاه التبع الحميري في يثرöب وضمه لح

قد يعجبك ايضا