هؤلاء .. يصنعون الفشل

خالد الصعفاني


خالد الصعفاني –

أتساءل باستمرار وغيري الكثير عن أسباب نجاح بعض الدول وفشل أخرى غيرها .. وحين أجعل مجال التساؤل محصورا في المقارنة بين بلدي الحبيب وبلدان أخرى من مستويات مختلفة أجد الردود دوما تتقاطر على ما أعتبره حقيقة تاريخية تنحصر في أن نجاح بلد ما هو نتاج طبيعي لطموح قيادة وتفاعل إيجابي لأمة أو شعب .. حتى الإمبراطوريات الكبيرة التي جارت على غيرها لم تنجح في ذلك إلا في ظل معادلة القيادة والشعب تلك..
وقد أدرك شاعر ذكي هذه الحقيقة فقال : “لا يرتقي شعب إلى أوج العلا ما لم يكن بانوه من أبنائه ” , وهؤلاء البناة لا يمكن أن يكونوا جميعهم قادة فجزء من الأمة يضطلع بمهمة قيادة البقية من أجل الوطن وعلى الأخير أن يبقى صمام أمان بقاء الأول في الطريق الصواب ..
وهناك نماذج كثيرة على إبداع الحكام وإبداع مواز للمحكومين وكانت النتيجة مشاهد تطور وشواهد تطوير كلها صبت في صالح الوطن والمواطن .. خذوا على سبيل المثال لا الحصر نجاح الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى كباكستان أو ماليزيا أو الجارين المسلمين تركيا و إيران .. كلها التقت على إرادة البناء من الداخل والنجاح بالأبناء ..
في تلك النماذج رأينا حكومات تكونت لديها رؤى وأفكار وطموحات تشكلت في عقلها استشعارا منها بالمسئولية وعملت بكفاءة مناسبة وفي ذات النماذج كان هناك رأي عام مساعد أسهم في صناعة التحول وبناء الحاضر عبر التعاطي الايجابي الذي يعزز الأداء الحكومي ولا يخذله ويزيد عليه ولا ينقصه ويحفزه ولا يثبطه ..
كل تلك الأفكار وردت في ذهن العبد لله وهو يتابع واقعة بكاء رئيس وزراء حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة وهو يجلب مقارنات بسيطة لتطور غيرنا وبقائنا على حالنا وشخصيا احترمت الرجل كثيرا وهاأنذا أرفع له قبعة التقدير كون الاستسلام للدموع في لحظة حديث عن محبوب – قد يكون وطنا أو حبيبا أو فلذة كبد – لا يعني إلا الصدق الذاتي والرغبة الحقيقية المعومة في تفاصيل أخرى يصعب السيطرة عليها ..
لكنني لست مع الوقوف عند لحظة البكاء على حال الوطن تلك إلا من باب أن تكون هي لحظة الوعي الحقيقي بضرورة وجود رؤية طموحة لتطوير البلد وبناء مصفوفة التطوير تلك وتجنيد الأفراد والآليات الملائمة لبدء العمل وبالمقابل أمة تعرف الطريق إلى البناء أكثر من التخريب وتساعد فلا تخذل وإلا ما الفارق بين الأحفاد وأجدادنا القدماء البلهاء حين رفعوا أكفهم بالدعاء ” ربنا باعد بين أسفارنا ” ..!!
إيماني بالغ في أن شعبنا اليمني عظيم والصفة الأخيرة خرجت من رحم حضاراته التي شهد لها القرآن وصفات شعبه التي شهد لها النبي العدنان , غير أننا ومن بعده بدأنا بالتقهقر بسرعة وفقدنا وظيفة المكابح للعودة إلى جادة الصواب حيث نقطة التقاء كل التائبين ..
أخيرا :
اليوم وخلال عقود من حياة اليمن الجمهوري لم نخرج أكثر من حكومات فشلت في تلمس مسئوليتها الحقيقية وعملت بلا رؤية وبلا بصيرة وأمة ضيقت على نفسها مشارب الإبداع وأقفلت على الطموح بضبة الجمود و” هندراب ” الركون غير العقلاني .. حكومات قدمت لنا وزراء أكثرهم ولد ليكون فاشلا فكيف يقود غيره وقيادات اهتمت بتعظيم منافعها الذاتية وتحولت إلى سلاطين أثرت على حساب غيرها ووقفت على هذا الدور , وبشر يتحركون بطريقة الآفات الزراعية بعد رش المبيد عليها ولا رجل رشيد لا من هؤلاء ولا من أولئك والنتيجة ما نراه اليوم من شكوى عامة وبكاء عام وتحسر منكسر على بقايا أمة كانت عظيمة ..

khalidjet@gmail.com

قد يعجبك ايضا