لماذا نخشى عودة المهاجرين¿
يكتبها: علي أحمد بارجاء
يكتبها: علي أحمد بارجاء –
اليمن دولة موبوءة بهجرة أبنائها إلى أصقاع العالم, حتى لا تخلو منهم دولة في الشرق والغرب, فقد كانت اليمن منطقة طرد أو دفع منذ زمن بعيد, وفيها كثير من عوامل الدفع التي حددها بيجو, مثل: “تراجع هبوط الثروة القومية أو الأسعار المدفوعة لها, ونقص الطلب على الإنتاج الفردي أو الخدمات في الصناعات الفردية. وفقدان الوظيفة الناتجة عن العجز والإعفاءات الذي يتولد عن تراجع الطلب على الأنشطة الفردية. والمعاملة التي تتصف بالقمع والظلم الناتجة عن أسباب سياسية أو دينية. وعزل الفرد وإبعاده عن المجموعة نتيجة إلى أن هذا الفرد يكون مؤيدا لعقيدة سائدة, وبخاصة إذا كان هذا التأييد مؤثرا على أسلوب تصرفاته داخل عائلته أو مجتمعه. والانسحاب من المجموعة لعدم التعاون بينها, أو نتيجة لعدم توفر الفرص التي تساعد على تنمية الوظائف الفردية أو الجماعية”. ويمكن تلخيص ذلك في: الكوارث والمجاعات والجدب, والفقر وضيق المعيشة, وضعف أو غياب الأمن, وغياب المساواة والعدالة, والصراعات والثارات والحروب, والخلافات الدينية والسياسية, والفوارق الاجتماعية.
بسبب هذه العوامل أصبحت اليمن مضرب المثل في الهجرة والاغتراب, ولذا أصبح المهاجرون يخشون العودة والاستقرار في وطنهم, ويتخöذون من مهاجرهم أوطانا بديلة لهم ولعائلاتهم, وصار كثير منهم يفكرون في الحصول على جنسيات تلك الأوطان, ويبذلون كثيرا من الأموال من شقاء عمرهم وكدöهم ليدفعوها مقابل الحصول على تلك الجنسيات, بل قد يفعلون ذلك لمجرد الحصول على ترخيص بالإقامة الدائمة إن تعسر عليهم أكثر من ذلك.
وعلى أن لتحويلات المغتربين عائدات كبيرة على اقتصاد وطنهم الأم إلا أنها لن تشكöل عمودا أساسيا من أعمدة الاقتصاد التي يمكن الاعتماد عليها لأن فائدتها مقتصرة على من تربطهم بأولئك المغتربين صöلات قربى, بينما يظل أغلب الشعب اليمني في الوطن يعاني من الفقر وضيق المعيشة.
وعلى الرغم من تقادم الزمن وبعده عن موجات الهجرات السابقة التي طوحت بملايين اليمنيين وأسلمتهم إلى الشتات, إلا أن الهجرة من اليمن لا تزال مستمرة, وبخاصة أنها أصبحت هجرة للعقول والكفاءات الفنية والعلمية والأيدي العاملة المدربة والخبيرة, مما يدل على أن اليمن لا تزال منطقة طرد لأبنائها بسبب غياب فرص العمل, وضعف الأجور, وانخفاض قيمة العملة, والصراعات السياسية والقبلية, والتعقيدات التي تمنع إنشاء المشروعات الاستثمارية الضخمة. ولم تحاول اليمن خلال كل تلك السنوات أن تستوعب مشكلة الهجرة, وتسهم في الحل لمنع استمرارها حتى اليوم, وظلت وثائق ومخرجات ندوة (المغتربون الرافد الأساسي للتنمية المستدامة) التي أقامتها وزارة المغتربين والمجلس الاستشاري في صنعاء في إبريل 1999م, والمؤتمر الأول للمغتربين حبيسة الأدراج.
ولذا فلا غرابة ولا عجب أن تخشى الدولة اليمنية ترحيل أبنائها المغتربين من مهاجرهم, وعودتهم إليها بأعداد كبيرة لأنهم سيشكلون عبئا عليها لعدم قدرتها على توفير ما يترتب على عودتهم, وحلö ما ينجم عنها من تبöعات, وقد عرفنا من تجربة سابقة كيف كانت المعاناة من عودة المغتربين أيام غزو العراق لدولة الكويت وحرب الخليج عام 1990م, وأصبحنا نخشى ما يحدث الآن بعد تطبيق المملكة العربية السعودية الشقيقة لإجراءات قانون العمل الذي سيؤدي إلى ترحيل كثير من المغتربين غير الملتزمين بهذا القانون, وبخاصة أن لكل دولة الحق في اتöخاذ أية إجراءات تصب في مصلحتها.
ومع كل هذه الخشúية نجد اليمن تستقبل بكرم عشرات الآلاف من اللاجئين الصوماليين للعيش فيها, متناسية ما قد يشكöله هؤلاء اللاجئون من خطورة على الأمن الوطني والاجتماعي للبلاد!
إنها من المفارقات الغريبة أن يحدث هذا في وطن ظل فقيرا لسنوات طويلة, ولا يزال فقيرا, ولا يريد أن يتقدم في سبيل إسعاد شعبه الصابر القابع على أرضه, ولا يريد أن يتهيأ اقتصاديا لعودة أبنائه المهاجرين ليسهموا في بنائه وتنميته, وليعيشوا فيه برخاء وعöزة وكرامة!
إضاءة:
غادر الصحب والربى والدöيارا ** يقطع السهل جائöلا والقöفارا
سئöمتú نفسه الكبيرة عيشا ** شظöفا فانتحى يروم اليسارا
شحذ العزم كي يؤم بöلادا ** أنعمتú خيرها و سالتú نضارا
يطلب الرöزق ينتجöع الغيـ ** ـث و يسعى لكسبöهö الدöينارا
طه أبوبكر السق