الديمقراطية سلوك أم ايديولوجيا¿
نبيهة أحمد محضور
نبيهة أحمد محضور –
يختلف الكثير في تفسير معنى الديمقراطية التي أصبحت كلمة شائعة في أرجاء العالم يرددها الجميع فهل يعي الجميع معنى الديمقراطية¿
وهل الديمقراطية سلوك أم ايديولوجيا¿ وما معنى ايويولوجيا¿ وما الفرق بين الديمقراطية والايديولوجيا¿
الايديولوجيا عبارة عن فكر يحاول معتنقوها وضع أطروحات نظرية يحاولون من خلالها أدلجة الواقع حسب أفكارهم وهي تتسم بالشمولية وتنظر إلى الواقع نظرة أحادية وفقا لأطروحاتها النظرية التي لا تسمح بأي أفكار أو آراء تتعارض مع نظرياتها أو أفكارها التي يعتبرها واضعوها بأنها أنموذج فكري يجب التسليم والقبول به دون معارضة أو قبول للنقد فهي لا تتسم بالمرونة والتجديد وتجعل عقل الفرد سجين أفكار محدودة لا يمكن تجاوزها بل تلزمه بتطبيقها حتى لو لم تكن هناك إمكانية لتطبيقها في الواقع كما أن الايديولوجيا تتسم بالجمود العقائدي والتطرف في طرح الأفكار وفرضها على الآخرين فتؤدي إلى الإلغاء والاقصاء للآخر ومصادرة رأيه الذي يختف معه فكريا فلا مجال للحوار أو النقد أو تبادل الأفكار مما يؤدي إلى تهديد التعايش السلمي بين أفراد المجتمع وخلق الكثير من الأزمات نتيجة اصطدام تلك الأفكار بالواقع الذي يرفضها.
ولكن الديمقراطية على النقيض من ذلك فالديمقراطية عبارة عن آلية أو طريقة لإدارة الدولة أو المؤسسات أو التنظيمات الشعبية فهي ساحة يتنافس فيها أطراف مختلفة بطريقة حضارية من أجل الحصول على الأغلبية في مراكز قيادية سواء في الدولة أو مؤسسات أو تنظيمات ونحوه بحيث تتضمن التداول الديمقراطي والسلس للسلطة والقيادة وعدم احتكارها لصالح أي جهة كانت بعيدا عن قانون الغاب الذي يحكمه الصراع والقوة البدنية.
وهي تختلف عن الايديولوجيا التي تحتكر الفكر والرأي فالديمقراطية فضاء رحب تحلق فيه الأفكار والايديولوجيات المختلفة وهي تقوم على التعددية الفكرية والثقافية ويستطيع أي فرد مناقشتها ونقدها وتبني الأفكار التي تعكس احتياجاته ويمكن تحقيقها على أرض الواقع فهي ليست ذات طابع جامع وإنما تتسم بالمرونة والقدرة على التجديد بما يتناسب مع الواقع ومتغيراته وتتيح الفرصة للإبداع الفكري على خلاف الايديولوجيا التي تكبل عقل الفرد وتحد من إبداعه الفكري.
نخلص من ذلك بأن الديمقراطية وسيلة حضارية تحترم الرأي والرأي الآخر وسلوك وثقافة وليست فكرا قاصرا بل سلوك يتسم بالواقعية والعقلانية والموضوعية وتساعد على التعايش مع الآخرين .. فهي وسيلة تنظم إدارة المجتمع ومؤسساته من خلال التخطيط العقلاني للمستقبل الذي يضمن لها الاستمرارية بخلاف تلك الايديولوجيات التي انتهت وانهارت نتيجة تمسكها بأفكار قاصرة وعقيمة كالماركسية والشيوعية فلذلك فإن الديمقراطية وسيلة حضارية تحترم حق الإنسان في التعبير عن رأيه والتفكير بالطريقة التي يراها تتناسب مع واقعه وآماله وطموحاته وتحفظ كرامته وآدميته وعقله الرحب .. وهذا ما جعل شعوب العالم تناضل من أجل تحقيق الديمقراطية وتطبيقها.