تأكيد المؤكد!

علي ربيع


علي ربيع –

{.. الوطن لا يحتمل أكثر مما هو كائن وبحاجة لنكف عنه حراب ألسنتنا وسهام أفعالنا الطائشة ولنأتö إلى كلمة سواء نضع فيها النقاط على الحروف كلمة لا تقبل الابتزاز ولا الكيد السياسي ولا الوصولية الدنيئة ولا المناطقية البغيضة أو السلالية المقيتة ولا دعاوى الحق التاريخي الباطلة ولا الخيانة الوطنية والارتزاق والتسول باسم الوطن في دهاليز المكر الداخلي والخارجي.
< المواطن العادي يترقب الأفضل في حياته وإن علاه غبار المعترك الكلامي للسياسيين والحزبيين فإنه سينفضه عنه في آخر النهار ليتوجه مع بزوغ أشعة الصبح إلى الكدح اليومي لتوفير متطلباته الحياتية وربما صار المواطن اليمني يدرك أن السياسة والحزبية هي عمل من لا عمل له أو أنها مهنة الكلام الكثير والأفعال العديمة.
< المواطن العادي يهمه الآني والملموس في حياته المعيشية.. يهمه استقرار الأسعار وزيادة الدخل وتحسن الخدمات يهمه أن يذهب طفله إلى مدرسة نظيفة ومدرسين مؤهلين يهمه سعر الدواء والخبز وانتظام مرور موزع دبات الغاز والحصول على شقة للإيجار بسعر معقول وتيار كهربائي لا ينقطع.
< المواطن العادي مشغول بما فيه الكفاية يريد الأمان والاستقرار وهدوء البال يحلم بإجازة للذهاب بأطفاله إلى حديقة جميلة يحلم بمشروع للمياه في قريته ومصباح كهربائي يبدد وحشة الليل الريفي.
< من تأكيد المؤكد أن ما يدور في دهاليز السياسة لا يعني المواطن في شيء بل أصبحت لديه مناعة مكتسبة ضد افتراءات السياسيين وأكاذيب الأحزاب التي لا تفتأ الصحافة تتبرج بها مادحة وقادحة محرضة ومنفرة ولتكن هذه دعوة لكل السياسيين والحزبيين ليتركوا المواطن في حاله بعيدا عن المزايدة والمكايدة بعيدا عن الوعود بالجنان الخضراء والفراديس الموعودة وبعيدا عن أجر التثوير أو حسنات التنفير.
< صحيح أن التغيير الاجتماعي مطلب نخبوي وشعبي لكنه لن يكون بالسهولة التي يعلبها للاستهلاك الجماهيري مجمل الخطاب الإعلامي فهناك إرث قرون من السطو على إرادة الإنسان وتغييبه والخطورة الحقيقية ـ مع هذا الميراث الهائل الذي يحفل به الوعي الجمعي ــ تكمن في أن يصبح فعل التغيير رهنا لمشيئة القوى الاجتماعية التي تدعي وصايتها على هذا الميراث لأنها تعتقد أن بقاءها يستند في الأساس على مدى إخلاصها في الذود عن هذا المقدس التاريخي.
< لا توجد منطقة وسطى بين الدولة واللادولة فإما هذه وإما تلك صحيح أن الزمن لا يمكن أن يعود إلى الوراء لتصحيح أخطاء الماضي لكن هذا هو أملنا في المستقبل هذا هو أملنا في التغيير والمواطنة هذا هو أملنا في اليمن الجديد الذي لا نعرف كيف يمكن أن نصل إليه في ظل تشتت الحاضر وقصور الوعي السياسي في بلاد تتعدد فيها الولاءات للمذهب وللشيخ والمنطقة والحزب والأيديولوجيا والدرهم والدينار وقد كشفت لنا الأشهر الماضية كثيرا مما كان لا يطفو على السطح الاجتماعي من أمراض اجتماعية لا تزال تتحكم بذهنية البشر.
< على المستوى الشخصي أدرك أن المرحلة أكثر حرجا ومسؤولية على السياسيين الذين يتعاطون مع الأدوات الناعمة ويؤمنون بها لإدارة الصراع والتوصل إلى نقاط الالتقاء مع فرقاء السياسة وهو ما يضعهم وجها لوجه مع إرادات القوى الثأرية العنيفة فإما أن يكبحوا تهورها حرصا على الدم اليمني وعلى ما بقي من بنية الدولة وإما أن ينقادوا لها لتقرر هي صياغة واقع الصراع لتعيد إنتاج نفسها على قمة الهرم السياسي والاجتماعي وهي النتيجة التي لا تنسجم مع الفرضيات الجميلة التي وضعتها دعوات التغيير الشبابية مطلع هذه الأزمة وحلمت بها نخب المدنية الحداثية ابتداء من ثلاثينيات القرن الماضي.
فاصلة:
< إلى الزميلين الأستاذين علي ناجي الرعوي وياسين المسعودي لكل منا أخطاؤه وحسناته ومهما اختلفنا معكما أو اتفقنا بشأن إدارتكما لمؤسسة الثورة طيلة سنوات وجودكما على رأسها فلشخصيكما منا تحية احترام صادقة والآتي من الزمن سيدون بإنصاف مالكما وما عليكما وخالص دعواتنا بالتوفيق والنجاح للقيادة الجديدة للمؤسسة فبانتظارهم هموم لا تحصى ومسؤليات ثقيلة تجاه مستقبل المؤسسة ومستقبل كل العاملين فيها.

قد يعجبك ايضا