الثقافة وترسيخ الوحدة اليمنية

خليل المعلمي


 - لا يمكن أن نهمل الدور الذي لعبته وتلعبه الثقافة في نمو ورقي المجتمعات وترسيخ المبادئ والقيم الاجتماعية التي تؤدي إلى إيجاد مجتمع متسامح ومثقف ومنتج فالنتاج الإبداعي الثقافي
خليل المعلمي –

لا يمكن أن نهمل الدور الذي لعبته وتلعبه الثقافة في نمو ورقي المجتمعات وترسيخ المبادئ والقيم الاجتماعية التي تؤدي إلى إيجاد مجتمع متسامح ومثقف ومنتج فالنتاج الإبداعي الثقافي يفضي إلى نمو ورقي وقوة مؤسسات المجتمع المدني وبالمقابل يعمل على تخفيض وتضاؤل وتراجع النزعات الفئوية والقبلية والطائفية المتخلفة.

فالشعب اليمني لا شك يطمح إلى التقدم ومواكبة ثقافة العصر والتطور العلمي والتقني المتسارع الذي يشير إلى أن لا مكان فيه للواقفين عند حدود تعطيل العقل وتنحية الفكر عن الحياة وطريقه في ذلك التوأمة بين الثقافة والتعليم في أسلوب تكاملي لتحقيق التنمية المستدامة.
إن دولتي شطري اليمن «الشمال والجنوب» قد سعتا معا منذ السبعينيات من القرن الماضي في التوجه نحو الاهتمام والتركيز على المسألة الثقافية والإعلان عن إصدار المجلة الثقافية الحديثة شكلا ومضمونا وبدون تنسيق ووعي مسبق بدأت حالة التنافس المحموم بين هذه المجلات في كلا الشطرين.
وهناك الكثير من أمثلة التواصل الثقافي بين أبناء اليمن الواحد أثناء فترة الاستعمار في جنوب الوطن والحكم الإمامي في شماله التي تدل على مدى الوعي الثقافي الحاضر لدى اليمنيين بمختلف فئاتهم الاجتماعية والفكرية.
وما سنورده خلال هذه المادة يبين لنا مدى التواصل الثقافي بين أبناء الوطن الواحد والجهود التي بذلت من قبلهم في نشر التعليم والثقافة في أي مكان يطأه اليمني سواء في عدن أو في صنعاء أو في تعز أو في حضرموت أو في غيرها من المدن اليمنية.. خاصة بعد أن حاول الاستعمار تجهيل الشعب اليمني ولم يكن هدفه إلا الاستغلال الاقتصادي للبلاد التي يحتلها.
وكان اليمني في تلك الفترات يشعر بعجزه تجاه بلاده فلا يستطيع أن يطالب بحقه أو أن يحرر أرضه أو يطرد المحتلين.. فكان عاجزا عن كل ذلك مقيدا بأغلال الطرق البدائية والأساليب العتيقة في التعليم..
وحينما شعر اليمنيون بواجب التفكير الجدي في نشر الثقافة في البلاد قاموا بفتح المدارس الابتدائية بجهود بعض الأفراد أو بمبادرات جماهيرية لتمكين الأطفال من معرفة المواد الأولية مثل القراءة والكتابة والحساب ومن بين المدن التي ضمت بين جنباتها اليمنيين من جميع المناطق اليمنية مدينة عدن التي غدت مركزا هاما ومدينة يفد إليها اليمنيون لطلب الرزق فبدأت المدارس في عدن تخرج المتعلمين وبدأت الثقافة تنتشر وبدأ الوعي يعم أفراد الشعب وبدأوا يشعرون بأهمية العلم ويعنون بتوسيع مداركهم وتطوير أنفسهم.
وبدأ المثقفون اليمنيون في عدن يؤسسون النوادي الاجتماعية والثقافية فقام البعض منهم بتأسيس النادي العربي عام 1944م وأخذ النادي يزدهر وأخذ بعض أعضائه يهتمون بالقراءة وبالذات قراءة الصحف ومراسلتها والكتابة فيها عن عدن وما يجري فيها من أحداث وبعد اتساع نطاق هذه النوادي وانتشارها كانت الزيارات الميدانية بين أعضائها تتم أسبوعيا وقد لعبت تلك النوادي دورا في تشجيع الثقافة العامة بين مجموع الشعب عن طريق المجلات والكتب والمعارض وغيرها ونشط أفرادها في إصدار الجرائد والمجلات الاجتماعية والسياسية والدينية والثقافية.
وكان لكل ذلك أن انتشرت الصحف بشكل واسع وكان من أبرز كتابها عبدالله باذيب ومحمد سعيد جرادة وادريس أحمد حنبلة ونجيب جعفر أمان إضافة إلى كل من محمد عبده غانم وعلي لقمان وعبدالله هادي سبيت وغيرهم من الشعراء الوافدين إلى عدن أمثال القاضي الزبيري وزيد الموشكي وذلك قبل العام 1948م.
ومع هذا التوسع في ازدياد الصحف وإقبال الناس على قراءتها ومع انتشار المدارس أيضا وانتشار الأندية أدى كل ذلك إلى أن نشطت الحياة الأدبية والثقافية والفكرية نشاطا واسعا مما خلق لدى المواطن وعيا ثقافيا وسياسيا ووطنيا كان له عظيم الأثر في مجرى الأحداث فيما بعد.
يقول البردوني في كتابه «رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه» وهو يتحدث عن الأحوال الثقافية دون تمييز بين ما هو شمالي أو جنوبي يتحدث عن الثقافة في اليمن ووضعها وحالها وفي سياق حديثه عن العام 1971م يقول: كان العام 1971م عام العطاء لأنه أخصب مواسمنا الأدبية نزلت فيه ثمار القلم اليمني إلى المكتبات بغزارة غير معهودة بالنسبة إلى اليمن في هذا العام نزلت أول مجموعة لمحمد سعيد جرادة بعنوان «مشاعل على الدرب» ومجموعة شعرية لعبدالله الملاحي بعنوان «ثورة الحرمان» ومجموعة قصصية لمحمد عبدالولي بعنوان «شيء اسمه الحنين» ومجموعة لعبده عثمان بعنوان «فلسطين في السجن».. ثم مجموعة الشاعرين عبده عثمان وعبدالعزيز المقالح بعنوان «مأرب يتكلم» ومسرح

قد يعجبك ايضا