الأدباء والمثقفون.. غائبون أم مغيبون!!

استطلاع جميل مفرöح


استطلاع/ جميل مفرöح –
انطلاقا من مشهد ملاحظ بقوة للغياب شبه الكلي من قبل المثقفين إبداعا وحضورا ومشاركة في السنوات القليلة الأخيرة وتواريهم بالذات عن الأحوال والتحولات التي شهدها الوطن منذ بدايات العام 2011م.. وهو ما ينزع بنا إلى المقارنة بين أدوار وحضور المثقف في السياق الوطني العام في الماضي حين كان المثقف والأديب في طليعة القوى المؤثرة والفاعلة وبين حالة وموقعه في الوقت الراهن.. ولعل التاريخ والزمن والأحداث وإن أصابها البلى لا يمكن بأي وجه من الأوجه أن تملي علينا إنكار تلك الأدوار أو مغالطة ونسيان ذلك الحضور القوي والفعال للمثقف في كل تحولات ومتغيرات الأحداث الوطنية والسياسية أيا كانت ومهما كان حجمها ومدى فاعليتها.. بل وأكثر من ذلك مدى الحضور الفعلي والمؤثر للمثقف في صياغة وتوجه القرار.. ولعل تلك المشاهدة وغياب المثقف كعنصر حيوي من المشهد الراهن هو ما قادنا ويقودنا إلى طرح تساؤل من مثل:
أين هو المثقف اليمني مما تشهده الساحة اليمنية من أحداث متعلقة بمصير الوطن والأمة¿! على مجموعة من الأدباء والمثقفين مستطلعين آراءهم وجهات نظرهم حول ما اعتقدناه واعتقده كثيرون غيابا ملفتا للاهتمام نزع بالمثقف الذي رفض التواري تماما لينضوي تحت أي مسمى آخر ليكون جزءا من حاضره ما دام لم يستطع الحضور بكونه مؤسسة أو منضويا تحت راية مؤسسة حقيقية حاضرة في قلب المشهد حضورا فاعلا.. فكان لطرحنا ذلك التساؤل الملح كنتيجة ما يلي من الآراء والأفكار من قبل عينة من أولئك النخبة..

رسالة مشوهة
• الكاتب والروائي محمد الغربي عمران:
المثقف مقصي أو(مخصي) والسياسي الذي هو العسكري- وهنا البلية- لم يعد شريفا فقد تحالف مع الشيخ ورأس المال.. ولذلك هذا الثالوث القبيح يمارس حربا غير معلنة على المثقف. وبذلك فقد المثقف دوره الذي يتجلى من خلال الممارسة الفعلية في إدارة البلد.
المثقف لم يتراجع دوره.. والمثقف لا يعني الكاتب أو الفنان, بل كل ذي وعي بالأحداث وما يدور وكل من يؤمن بالدولة المدنية. وأقول يؤمن ويفهم ما تعنيه وليس من يتشدقون وهم لا يعون معناها ولذلك ترى ممارساتهم مشوهة.. الدولة المدنية تعني العلمانية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية المثقف رغم الإقصاء وحرب الثالوث القبيح.. ورغم فشلهم.. ورغم تخريبهم.. فإنه يناضل دون سلاح.. فتراه يكتب ويشارك ويعمل ما بجهده..
المثقف ليس دوره الصراخ في الشوارع.. وإن كان مطلوب منه أن يقود الجماهير.. ولكن عليه أن يكتب.. أن يصنع وعيا ورأيا.. وهذا ما يقوم به المثقف وإلا من أين تصدر الصحف والكتب والمواقع الالكترونية¿! هل يصدرها المشائخ والعسكر وأصحاب رؤوس المال..

قارئ مغيب
• الفنان المسرحي عبدالكريم مهدي:
توارى الفعل الثقافي والمثقف خلف سطوة ونفوذ السياسي وتحول إلى تابع يرى بعيون ذلك الفعل السياسي والولاء المطلق لمكونات التي حولت المثقف إلى قارئ مغيب الفعل والتأثير في تفاصيل المشهد اليومي والأحداث أصبح مأخوذا بتبني صوت هذا المكون أو ذاك على حساب المثقف ودوره كمثقف.

ذوبان في السياسي
• الكاتب والناقد محمد علي اللوزي:
الأسباب كثيرة لعل أهمها أن المثقف أصيب بخيبة أمل كبيرة وهو يجد ما ناضل من أجله يتبدد وثقافة العنف والكراهية والشروخ النفسية تطغى على الجمال والإبداع ولأن المثقف كان حامل مشروع وطني إلى ما قبل حرب صيف 1994م وتنازل عن هذا المشروع قسريا لصالح لغة البندقية وإرهاق الديمقراطية والشعاراتية المزيفة التي حجبت الفكرة وشوهت الإيديولوجيا إن لم تكن قضت عليها إضافة إلى أن السياسي السلطوي عمل على خلق المثقف الانتهازي التبريري المداجي للسلطة والمحوقل بحمدها على حساب المثقف الرائي والناقد والواعي بممكنات التغيير وهو ما جعل المثقف في الهامش يعيش ليفسح الطريق للسلبي.. لذلك توارى دوره وطغى السياسي غير المعقلن أو لنقل الحزبي المتمحور حول ذاته الباحث عن فرص لمعالجة أوضاع منتسبيه وليس معالجة أوضاع وطن.. وهنا رأينا ثقافة انتهازية تستلب حقوق القدرات والكفاءات باسم شعار (الدولة المدنية الحديثة) زورا ونفاقا.. هكذا المثقف يعيش غربة الواقع حين جاهر السياسي بالعداء وتم إقصاء المثقف الفاعل والناقد حتى من ذات الأحزاب ليفسح الطريق للفوضى والعشوائية تدب في مفاصل الأحزاب وتعكس نفسها على وطن. هكذا غاب المثقف حين انطوى على نفسه وحاصرته السياسة والأحزاب وغدت الديمقراطية بلا ضوابط ونواميس أخلاقية وفتحت السياسة الباب للقوى الوصولية لتمر وتقمع المثقف وتمارس سلطة الإلغاء ويغدو المثقف غريب الوجه واليد واللسان في وطن تنازعته ثقافة فك ارتباط ومحاصصة وتقاسم وقضايا تكرöس التجزئة كالقضية التهامية والتعزية

قد يعجبك ايضا