لنا في قمم الكبار “طز”!

خالد الصعفاني


 - بدت قمة الثماني التي انعقدت في ايرلندا الشمالية مؤخرا معركة إرادات ومصالح كان عنونها الأكبر الأزمة السورية وعناوينها الفرعية اقتصادية .. وربما كانت المرة الأولى التي تتواجه
خالد الصعفاني –

بدت قمة الثماني التي انعقدت في ايرلندا الشمالية مؤخرا معركة إرادات ومصالح كان عنونها الأكبر الأزمة السورية وعناوينها الفرعية اقتصادية .. وربما كانت المرة الأولى التي تتواجه فيها إرادات القوى الكبرى الثمانية على مسألة عربية وهو ما يعني صراعا دوليا للمصالح خريطته العامة الشرق الأوسط والخريطة الخاصة جدا هي حدود سوريا البلد الشقيق الذي تأكله الحرب الحالية ..
.. اوباما يعلن سعي أمريكا لإنشاء منطقة حظر طيران في سوريا أو أجزاء منها لكن “بوتين” بالمقابل يعلن عدم قبول روسيا لإقامة الحظر ومعه أعلنت أمريكا مضيها في تسليح المعارضة وقابلت روسيا ذلك بانتقاد ذلك وحقها في استكمال تسليم صفقات السلاح المبرمة مع الحكومة السورية .. ولأن المواقف الواضحة سبقت النقاش التفصيلي باعتبار الأمريكي منها صدر قبل يوم من عقد القمة في حين صدر الروسي منها بمجرد وصول “بوتين” للمطار الايرلندي فقد كانت النقاشات حامية وصريحة كما كشف الإعلام وأفرزت كما كان واضحا انتصارا للموقف الروسي ويشهد على هذا البيان المتوازن جدا الذي صدر عن قمة الكبار .. باعتباره خرج بإجماع المختلفين على , مخرج الحل السياسي وعلى البدء من جنيف 2 , كما أكد موقفا جماعيا بتجريم استخدام السلاح الكيماوي ولم يدن الحكومة السورية باستخدام هذا السلاح ..
.. وبعيدا عن شياطين تفاصيل القمة الكثيرين وكواليسها وما قد يكشفه الإعلام عنها بعد حين أصبحنا على بعد مشهد آخر من المشاهد التي يرسمها الكبار وتناقش مصير الصغار .. أمريكا قررت دعم المعارضة ولكنها ” حانبة ” في تحديد أي تيار المعارضة هو الأنسب لنيل عطية واشنطن , وروسيا مصممة على شرعية أن تقدم للنظام السوري السلاح الذي اتفق عليه مسبقا وسددت قيمته بالتفاهم بينها وبين حكومة الأسد , وفيما ظلت البلدان الأخرى الأوربية تحديدا في موقف المترقب للحوار الحار بين قطبي العالم كنا نحن في الخريطة العربية من بغداد إلى “تطوان” مشاهدين لدراما القمة وسائلين الله السلامة في تراجيديا ما سيجري بعد ذلك بفعل كل ذلك ..
.. إذن .. كانت قمة عربية بامتياز لكن بلسان عجمي حضرت فيها ابرز القضايا حاليا وهي الأزمة السورية وغاب فيها الزعماء العرب لأنهم لا يملكون ” فيزا ” الحضور..
.. وبعد انكشاف الكثير من أسرار قمم الكبار السابقة أصبح من المعلوم لدينا جميعا أن هؤلاء لا يجتمعون في خير لنا ولا يهمهم أمرنا إلا من باب إن تحول احدنا إلى مشكلة أمنية أو حرج أخلاقي أو عيب اسود في عفاف الربيبة إسرائيل أو طهرها الإنساني..!!!
.. بمعنى آخر .. لو كان لليبيا حليفا بجدية روسيا أو رغبة فرنسا لكان المشهد الليبي الآن غير ولما تحول المرحوم القذافي إلى شيطان يجوز قتله في نظر الجميع .. ولو حدث أن اتفاق العرب على مصالحهم كان بجدية اتفاقيات القارة العجوز لبناء الاتحاد الأوربي لما كان هناك حرب عراقية – إيرانية ولا حرب خليج ثانية وثالثة حين تم اجتياح العراق في مناسبتين عام 1990 م وعام 2003م..

أخيرا :
.. أجمل ما في قمم الكبار هي آداب التعبير والاستماع , وجدوى تسيير معادلة المصلحة وفق الشراكة الذكية فلا طغيان ولا إقصاء .. أما أسوأ ما فيها فهو أن مصالح الحاضرين تفرض نفسها بينما ينال باقي العالم ونحن أولهم ” طز ” كبيرة تبدأ من مكان انعقاد القمة وتنتهي في آخر أذن تسمعها في الشرق أو في الغرب ..

قد يعجبك ايضا