الفتöيت على الجيعان بطöي
علي أحمد بارجاء
علي أحمد بارجاء –
لا أدري هل أضحك أو أبكي عندما أسمع الخطابات الرنانة هنا وهناك, وأنا أثق تمام الثقة إنها مجرد خطابات لا تقدöم ولا تؤخöر ولا تحقöق إنجازا أو تحل إشكالا على الواقع. وهل أضحك أو أبكي عندما أسمع التهديد والوعيد بمحاسبة وبمجازاة كل من يخطئ أو يفعل فعلا ضارا بالوطن وشعبه, ولا يتحقق من ذلك شيء. و هل أضحك أو أبكي عندما أسمع الوعود البراقة والآمال الخلابة بغد أفضل, و تمضي الأيام ولا يأتي هذا الغد ولا تشرق علينا شمسه الدافئة. وهل أضحك أو أبكي عندما يقولون إن الوطن للجميع والحقيقة تقول أن الوطن لثلة قليلة تسكن في صنعاء على مقربة ومعرفة من أهل القرار ومن النافذين الذين يعتسöفون النظام والقانون ويجيöرونهما لصالحهم محقöقين مصالحهم ومصالح أقربائهم. وهل أضحك أو أبكي عندما أسمع أن للأديب مكانة في وطنه, وأنه يجد الرöعاية والتقدير من الدولة, ثم تسوء حالة أحدهم الصöحية ويصبح معرضا للموت, وحين يجöد معونة مالية من وزارة لا تفي بالغرض يستعين بها على السفر للعلاج, يتمنع مدير إحدى الجهات التابعة لها ويماطل في صرف تلك المعونة وكأنه يتمنى أن يشيöع جثمان هذا الأديب إلى مثواه الأخير لأنه إذا صرف تلك المعونة ستهتز الميزانية العامة لجهته. هل أضحك أو أبكي ونحن نجلد أنفسنا كل يوم في كل مكان, في أحاديثنا وفي كتاباتنا, بل في صمتنا حتى مللنا ويئسنا, ونسمع المتفائلين يصرخون في آذاننا بأنú نتفاءل وأن نظن خيرا, فنجد أن هؤلاء المتفائلين هم في الغالب من المنتفعين المستفيدين من الوضع مهما ازداد سوءا. نعم, إننا سئمنا و يئسنا لأننا (نسمع جعجعة ولا نرى طحينا), ولله دöر الشاعر حسين أبي بكر المحضار الذي استراح برحيله بعد أن قال ملخöصا المشكلة في أغنيته الشهيرة (وعبود هو ذاك هو ما شي انقلب في عبود, يوعد وينسى الوعود, يحلم بأيام بيضاء جاته أيام سود/ وسحابه المزدحم ما فيه غير الرعود, كأن بينه وبين الغيث سد من حديد). سؤالنا هو: إلى متى سيستمر هذا الضحك على الدقون¿ وكيف ومتى يريدون أن يبنوا يمنا جديدا¿ هل بعد سنة أو سنتين أو ثلاث¿ أو لعلهم يريدوننا أن نصبر خمسين سنة أخرى¿ بل لعلهم يريدوننا أن نصبر ونخرس ريثما يتحقق لهم الثراء, ويتقلبون في نعيمه. فالوجوه هي نفس الوجوه, والجمعة هي الجمعة, والخطبة هي الخطبة! فأين الجديد الذي سيبني الجديد¿! في أمثالنا العامية التي نحفظها عن ظهر قلب مثل يقول: (الفتيت على الجيعان بطöي), أليس كذلك¿ أو أنهم هم أكثر فهما ومعرفة منا, وهم أدرى بمصالحنا ومصالح الوطن, وهم يقرöرون ما يريدون متى يريدون, وليس علينا إلا السكوت والصبر, وإن لم يعجبنا شيء فعلينا بالرحيل, لتخلو البلاد لهم وحدهم!
قال لي صديق عاد من صنعاء قبل أيام: إن الناس في صنعاء يائسون ومحبطون من الوضع, غريب هذا والله! إذا كانوا في صنعاء كذلك فماذا سنكون نحن في عدن وحضرموت والحديدة و المهرة وغيرها من المحافظات البعيدة¿! إöن ما يحدث اليوم هو مجرد تسويف ومماطلة متعمدة هدفها إذلال الشعب و إقناعه بأنه مجرد شعب لا يقدم ولا يؤخöر إلا بإرادة ساسته, هكذا هم, وهذه هي عنترياتهم التي قال فيها الشاعر نزار قباني ذات يوم إنها ما قتلت ذبابة. فحسبنا الله ونعم الوكيل.