البناء العشوائي بيئة غير صحية.. وتشويه للتخطيط العمراني
تحقيق مصور افتكار احمد القاضي

تحقيق مصور / افتكار احمد القاضي –
البناء العشوائي في أمانة العاصمة مشكلة تؤرق الجهات المعنية وتشوه منظر العاصمة وجمالها كما أن هذه المناطق تصبح ملاذا آمنا للعصابات بسبب احيائها الضيقة التي تمنع الجهات الأمنية من الوصول إليها وهي في الوقت ذاته بيئة غير صحية للسكن ويمكن القول أن انتشار البناء العشوائي سببه عدم توفر مخطط عام وعدم تطبيق قانوني التخطيط والبناء الذي أسهم كثيرا في نمو الظاهرة وانتشارها في اغلب أحياء أمانة العاصمة .. فهناك أحياء ومدن تم بناؤها بطرق عشوائية في ظل غياب التخطيط وعدم وجود الرقابة. مدينة الليل (السنينة) مذبح الواقعة على شارع الستين وسميت كذلك لأن ساكنيها بنوا منازلهم تحت ظلمة الليل وتعد أسوأ نموذج للبناء العشوائي في أمانة العاصمة والتي بدأ البناء فيها منذ الثمانينيات من قبل سكانها القادمين من خارج صنعاء والمحافظات الأخرى ومنتسبي القوات المسلحة والأمن وذوي الدخل المحدود .. ويعاني سكان هذه المدينة من تدهور الخدمات وعدم وصولها إليهم بسبب عدم وجود الطرقات الواسعة والمعبدة إضافة إلى أزقتها الضيقة التي تتكاثر فيها القمامة وتشكل بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض كما تفتقر إلى خدمات البنية التحتية الأساسية من شبكة الطرق والممرات (شوارع فرعية ورئيسة) وخدمات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء.. إلخ. وكذلك الخدمات الاجتماعية الأخرى مثل المراكز الصحية ومراكز التدريب وغيرها من الخدمات. أحياء تندثر هنا وهناك ومنازل تقام بين عشية وضحاها ليبزغ فجر جديد على منازل أقيمت في أماكن غير مخططة وأخرى كانت أما مخطط لحديقة أو مدرسة أو شارع عام . وتستفيق الجهات المعنية والأمنية على مخالفات ترتكب بصورة يومية وتبدأ في ملاحقة الساكنين دون جدوى. مداخل وأطراف العاصمة هي الأخرى يتكاثر فيها البناء العشوائي بشكل كبير بسبب عدم وجود مخططات في هذه الأراضي ورخص ثمنها وغياب حملات التفتيش على هذه المخالفات غير أن الأزمة الأخيرة واختفاء حملات الرقابة والتفتيش ساهمت في انتشار المنازل العشوائية بسبب غياب جهات الرقابة التي أتاحت الفرصة للمواطنين في التوسع والبناء بأريحية ودن خوف. العديد من الدراسات البيئية حذرت من تفاقم المشكلة ومخاطر البناء العشوائي التي تتحول إلى بؤر لتفريخ المجرمين بسبب مبانيها المتلاصقة وشوارعها الضيقة وهذا بالطبع يعيق تحرك الأجهزة الأمنية فيها فضلا عما تحدثه من مشاكل اقتصادية واجتماعية وصحية نظرا لصعوبة الوصول إليها لعدم وجود منافذ وليس ذلك فحسب بل أن شوارعها تعيق سيارة الإسعاف والمطافي من تأدية مهامها إضافة إلى أنها تفتقر الى الخدمات الأساسية كالكهرباء ومياه الشرب وشبكات الصرف الصحي ..ما يجعل منها مناطق شبه معزولة . يقول محمد علي, صاحب تجربة في البناء العشوائي, أن كل شخص مهما كان لا توجد لديه نوازع ذاتية لارتكاب المخالفات لكن في مجال البناء يجبره على ذلك العديد من ظروف الواقع, فمثلا أنا موظف حكومي منذ أكثر من ربع قرن ودخلي محدود لا يكفي للنفقات الجارية الضرورية ناهيك عن أن أقوم ببناء بيت مهما كان متواضعا, وكانت لي تجارب كثيرة خلال السنوات الماضية للحصول على بيت بأي طريقة, فعمدت إلى الاشتراك في جمعيات سكنية غير أن محاولاتي معها كانت مأساوية حيث بعت أغلب ما أملك ودفعت كل ما أملك لها ولكن كل تلك التجارب باءت بالفشل وظهر أن كل تلك الجمعيات لم تف بوعودها والتزاماتها إزاء المشتركين فيها, ما اضطرني في الأخير إلى شراء قطعة أرض في إحدى مناطق الأطراف, وبعد أسابيع أو أشهر قليلة اكتشفت أن ضابطا يحاول السطو على قطعة الأرض التي اشتريتها وقد كان يحاول البناء عليها لولا أني سبقته في ذلك, ولأن قطعة الأرض واقعة في منطقة غير مخططة لم أجد بدا في البناء العشوائي لأني لم أستطع استخراج رخصة للبناء ولم أستطع ترك الأرضية على حالها خوفا من الاستيلاء عليها من قبل الغير, كما أن الخوف سيطر علي من أن تقع أرضيتي في شارع أو في منطقة محجوزة عند إنزال المخطط الرسمي وبالتالي لن يقوم أحد بتعويضي وسأكون خسرت كل شيء, فكانت هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لي ولذا كان لجوئي للبناء العشوائي اضطراريا للهروب من هذه المشكلة. حسن محمد, هو الآخر لجأ للبناء العشوائي لأنه غير قادر على شراء قطعة أرض في المناطق المخططة وبالتالي لجأ إلى شراء قطعة أرض في منطقة غير مخططة في أحد أطراف العاصمة وقام بالبناء الشعبي فيها لرخص تكلفته وسرعة تنفيذه قبل أن يضايقه رجال البلدية والإسكان.. مسؤولو الأشغال والطرق بأمانة العاصمة يبررون عدم تفاعلهم مع الظاهرة بالقول: أن هناك عصابات وشللا للبسط على الأراضي بطريقة غير شرعية, وجهاء ومتنفذين ويتبعون شخصيات اجتماعية وقبليه يواجهوننا بقوة السلاح حتى ينفذوا مخططاتهم العشوائية وفي هذه الحالة لا يحق لنا منعهم لان النيابة والقضاء هم المسئولون للضبط واتخاذ